للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، ولا ضرر ولا إضرار في دين النبي المختار (١). فإذا أعتقا جميعًا فلا تختار نفسها؛ لأنه حر وهي حرة، فصارا في منزلةٍ واحدة.

انظر إلى فهم أَمَتِهِم ومُعْتَقَتِهِمْ في قولها: إن كنت آمرًا فالسمع والطاعة؛ لأن أمره واجب على كل مسلم، قال المولى الكريم: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣]، فلما قال: «ما أنا آمر بل شافع». والشفاعة هنا ليست بفرض، فلم تقبل، والنبي لم يغضب، فمن شفع شفاعةً ولم تقبل منه فغضب لأجل علو قدره؛ خرج عن السنة، وعمل على إبطال أجره.

دخل بيت بريرة يومًا، فوجد عندها برمة فيها لحم، فقدمت له قرص شعير، وقالت: إن اللحم تصدقوا عليَّ به. فقال : «هو عليك صدقة ولنا هدية» (٢).

فقد علمت أن الشفاعة إذا خرجت عن الشرع فالشافع مأزور لا مأجور، وهذا الباب واسع جدًّا، وليس بمحصور، وإن قبل الشفيع وقع في البدعة والإثم والفجور، ونقول طرفًا منه:

حكي عن رجل علق قلبه بمحبة شخص، فتمنع عنه، واشتد بلاء المحب إلى أن لزم الفراش، فلم تزل الوصايا تمشي بينهما ويشفعون، حتى وعده أن يعوده، فأخبر بذلك ففرح واشتد سرورًا، وانجلى عنه بعض ما كان يجد، فلما كان في بعض الطريق رجع، وقال: والله لا أدخل مداخل الرَّيب، ولا أعرض نفسي لمواقع التُّهم. فأخبر بذلك المتيم المسكين؛ فرجع


(١) يشير إلى حديث: «لا ضرر ولا ضرار»: أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٣١٣ (٢٨٦٧)، وابن ماجه في «سننه» (٢٣٤١) من حديث ابن عباس ، وصححه الألباني في «الإرواء» (٨٩٦).
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٢٧٦ (١٣٩٢٢)، والبخاري في «صحيحه» (١٤٩٥)، ومسلم في «صحيحه» (١٠٧٤)، وأبو داود في «سننه» (١٦٥٥)، والنسائي في «المجتبى» ٦/ ٢٨٠ (١٠٧٤)، وفي «السنن الكبرى» (٦٥٩٥) من حديث قتادة عن أنس ، وقد ورد أيضًا من حديث عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>