للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يشفع الإنسان في حدٍّ من حدود الله؛ لما روي أن الصحابة شفعوا لامرأة سرقت، فقال : «أتشفعون في حدٍّ من حدود الله؟! والله لو سرقت بنتي فاطمة لقطعت يدها، أما سمعتم قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]» (١).

ولا يشفع في خلاص مجرم؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣].

قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: نفيهم: حبسهم (٢).

ورُوي عن بريرةَ أنها كانت تحت عبدٍ؛ فلما أعتقت اختارت نفسها، وكان الزوج يحبها، فدخل النبي لكي يشفع له عسى أن تقيم معه، فشفع له، فقالت: يا رسول الله، إن كنت آمرًا فالسمع والطاعة، وإن كنت شافعًا فإني أكره الإقامة معه (٣).

فَفَرَّقَ بينهما؛ لأن الحرة إذا كانت تحت عبدٍ فهو نَقْصٌ لها، وضرر


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٦/ ٤١ (٢٤١٣٨) مختصرًا، والدارمي في «سننه» (٢٣٠٢)، والبخاري في «صحيحه» (٣٤٧٥)، ومسلم في «صحيحه» (١٦٨٨)، وأبو داود في «سننه» (٤٣٧٣)، وابن ماجه في «سننه» (٢٥٤٧)، والترمذي في «جامعه» (١٤٣٠)، والنسائي في «المجتبى» ٨/ ٧٢ (٤٨٩٥) بنحوه.
(٢) انظر «المبسوط» للسرخسي ٩/ ٣٥٣.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٢١٥ (١٨٤٤)، والدارمي في «سننه» (٢٢٩٢)، والبخاري في «صحيحه» (٥٢٨٣)، وأبو داود في «سننه» (٢٢٣١)، وابن ماجه في «سننه» (٢٠٧٥)، والترمذي في «جامعه» (١١٥٦) مختصرًا، والنسائي في «المجتبى» ٨/ ٢٤٥ (٥٤١٧) من حديث عكرمة عن ابن عباس ، قال: لما خيرت بريرة، رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة، ودموعه تسيل على لحيته؛ فكلَّمَ العبَّاسَ ليكلم فيه النبي ؛ فقال رسول الله لبريرة: «إنه زوجك». فقالت: تأمرني به يا رسول الله؟ قال: «إنما أنا شافع». قال: فخيَّرَهَا فاختارت نفسها، وكان عبْدًا لآلِ المغيرة يقال له مغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>