للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مزابل المسلمين يلتقط الخرق والجلود ويطهرهم، ثم يرقعهم في ثوبه سترًا لعورته.

فمن فعل ذلك مع القدرة إهانةً لنفسه التي تلبس الجديد ثم تخالف المولى المجيد، وتأكل الطعام اللذيذ، وتصرفه في معصية الله تعالى وفيما لا يريد، فيؤجر الإنسان على إهانتها؛ لأن الله تعالى يبغض النفس المتمردة التي هي عن الحق مائلة.

فلا تكرم النفس التي هي مهانة عند الله سبحانه بما أنعم من الملابس، ولا بالأطعمة الطيبة الهائلة، فمثل من يفعل ذلك كمثل رجل له زوجة، وهو عالم بخيانتها وفجورها، وهو يحب الإقامة معها، ويلبسها الثياب اللينة، ويطعمها الأطعمة الفاخرة، فحينئذٍ لا يفلح هذا العبد في الدنيا، ويكون ديوثًا في الآخرة.

دخل نسوة على رجل يعرف بالشيخ أيوب الكردي، وكان في زاوية تعرف بزاوية الشيخ خضر بالحسينية بالديار المصرية، وكان الشيخ صالحًا عارفًا بالعلوم، فلما دخل على النسوة قال لهن: يا ستَّات، اذهبْنَ (إلى الحاجَّة يريد) (١) زوجته فقلن: يا شيخُ، ما نحن ستَّات، بل نحن قحاب، وقد جئناك لنتوب. فبكى الشيخ كثيرًا وقال لهن: أنتنَّ قحَّبتُنَّ فروجكنَّ، وأنا قحَّبتُ (٢) قلبي، فأَنْتُنَّ خير منِّي (٣).


(١) في (خ): لعند الحاجة أي.
(٢) في (خ): قحبة. قال في «تاج العروس» (مادة: قحب): القحب: الشيخ المسنُّ، والعجوز قحبة، وهو الذي يأخذه السعال، قاله أبو زيد. وقد قحَب: إذا سعل. ورجل قحب وامرأة قحبة: كثيرة السعال مع الهرم، وقيل: هما الكثيرا السعال مع هرم أو غير هرم. قال الأزهري: قيل للبغي قحبة، لأنها كانت في الجاهلية تؤذن طلابها بقحابها وهو سعالها. وعن ابن سيده: القحبة: الفاجرة. وأصلها من السعال، سميت: لأنها تسعل أو تنحنح أي ترمز به، أو هي أي القحبة كلمة مولَّدة، وبه جزم الجوهري وغيره. وقال أبو هلال في كتاب «الصناعتين»: صار تسمية البغي المكتسبة بالفجور قحبة حقيقةً، وإنما القحاب: السعال. وفي «شفاء الغليل»: العامة تسمي البغي قحبة.
(٣) لم نقف على هذه القصة، وقد ترجم ابن حجر في «الدُّرر الكامنة في أعيان المئة =

<<  <  ج: ص:  >  >>