للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لبعض الصوفية: ثوبك ممزق. قال: ولكنه من وجه حلٍّ (١).

وينبغي أيضًا لمن خشن ثوبه أن يخشن مأكله، ويكون مسكينًا ذليلًا بين يدي خالقه، عسى يراه على تلك الحالة فيرحمه، فمن خشن ثوبه ولم يخشن حاله فليس بشيء.

قال أبو سليمان الدارانيُّ رحمة الله عليه: يلبس أحدهم عباءة بثلاثة دراهم، وشهوته في بطنه بخمسة دراهم (٢). أنكر عليهم لقلة التناسب.

لبس أبو سليمان ثوبًا عسليًّا، فقيل له: لو لبست ثوبًا أجود من هذا. فقال: ليت قلبي في القلوب مثل قميصي في الثياب (٣). قال : «من ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه؛ ألبسه الله تعالى من حلل الجنة» (٤).

دخل جماعة على بشر وعليهم ثياب مرقعة، فقال لهم: يا قوم، اتقوا الله ولا تظهروا هذا الزي؛ فإنكم تعرفون به وتكرمون له. فسكتوا عن آخرهم، فنهض شاب من بينهم وقال: الحمد لله الذي جعلنا ممن يعرف به، ويكرم له، والله لنظهرن هذا الزي حتى يكون الدين كله لله. فقال له بشر: أحسنت يا غلام مثلك من يلبس المرقعة (٥).

وقد تقدم أن لبس ما خشن ورقع له أصل في الشرع، فعله جماعة من الصحابة مع القدرة، وفعله أهل الصفة لأجل الحاجة، فكان أحدهم يخرج


(١) لم أقف عليه.
(٢) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٩/ ٢٦٠.
(٣) أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص ٧٥).
(٤) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٤٣٩ (١٥٦٣١)، والترمذي في «جامعه» (٢٤٨١) عن معاذ ابن أنس الجهني؛ أن رسول الله قال: «من ترك اللباس تواضعًا لله، وهو يقدر عليه؛ دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها».
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وحسنه الألباني في «الصحيحة» (٧١٨).
(٥) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>