(٢) ذكره الغزالي في «الإحياء» ٤/ ١٨٦، وابن الحاج في «المدخل» ٣/ ١٦٠. (٣) ذكره الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» ٢/ ٤٧، والجرجاني في «تاريخ جرجان» (٤٠٤)، وابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» ٥/ ١٨٣ من قول دَاوُد بن سُرَيج ﵀. (٤) ذكره الغزالي في «الإحياء» ٢/ ٢٣٤. (٥) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٣٢٣ (٨٢٩٠)، ومسلم في «صحيحه» (٢٦٧٦)، والترمذي في «جامعه» (٣٥٩٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٨٥٨) من حديث أبي هريرة ﵁، قال: كان رسول الله ﷺ يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبلٍ يقال له: جُمْدان، فقال: «سيروا هذا جمدان، سبق المفَرِّدُون»، قالوا: وما المفَرِّدُون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات». قال النووي في «شرح مسلم»: هكذا الرواية فيه: المفَرِّدون بفتح الفاء وكسر الراء المشددة، وهكذا نقله القاضي عن متقني شيوخهم، وذكر غيره أنه روي بتخفيفها وإسكان الفاء، يقال: فرَدَ الرجل وفرَّد بالتخفيف والتشديد، وأفرد، وقد فسرهم رسول الله ﷺ بالذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، تقديره: والذاكراته، فحذفت الهاء هنا كما حذفت في القرآن لمناسبة رؤوس الآي، ولأنه مفعول يجوز حذفه، وهذا التفسير هو مراد الحديث، قال ابن قتيبة وغيره: وأصل المفردين الذين هلك أقرانهم، وانفردوا عنهم، فبقوا يذكرون الله تعالى. وجاء في رواية: هم الذين اهترُّوا في ذكر الله، أي لهجوا به. وقال ابن الأعرابي: يقال فرد الرجل إذا تفقه، واعتزل، وخلا بمراعاة الأمر والنهي. وقال ابن القيم في «الوابل الصيب»: وفي بعض ألفاظ الحديث: «المستهترون بذكر الله» ومعناه: الذين أولعوا به، يقال: استهتر فلان بكذا إذا ولع به. وفيه تفسير آخر: أنهم أهتروا في ذكر الله، أي كبروا، وهلك أقرانهم، وهم في ذكر الله تعالى. وقال في «مدارج السالكين»: والمفردون إما الموحِّدون، وإما الآحاد الفرادَى. قلتُ: على أي المعنيين كان فلا يدل على استشهاد المؤلف به على العزلة، فإن النبي ﷺ قد كفانا مؤنة تأويل الحديث، فبيَّن أن المفردون هم أهل الذكر الموحدون لربهم، وهم أيضًا الآحاد الفرادى لقلة الذاكرين الشاكرين في الناس.