(٢) هذا آخر الفصل الذي خصَّه التركماني ﵀ للكلام عن طائفة المرازقة، وقد تضمن معلومات تفصيلية قيمة، ونضيف إلى ما ذكره ما تيسر لنا الوقوف عليه عن هذه الطائفة وشيخها وهو عثمان بن مرزوق بن حميد القرشي المصري (ت ٥٦٤ هـ)، وقد ترجم له ابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» فقال ١/ ٣٠٦: عثمان بن مرزوق بن حميد بن سلام القرشي، الفقيه، العارف، الزاهد، أَبُو عمرو. نزيل الديار المصرية: صحب شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الجيلي بدمشق، وتفقه، واستوطن مصر وأقام بها إلى أن مات، وأفتى بها ودرس وناظر، وتكلم على المعارف والحقائق. وانتهت إليه تربية المريدين بمصر. وانتمى إليه خلق كثير من الصلحاء، وأثنى عليه المشايخ، وحصل له قبول تامٌّ من الخاصِّ والعام، وانتفع بصحبته خلق كثير. وكان يعظم الشيخ عبد القادر، ويقال: إنه اجتمع به هو وأَبُو مدين بعرفات ولبسا منه الخرقة، وسمعا منه جزءً من مروياته. وسمع الحديث ورواه. حدث عنه أَبو الثناء محمود بن عبد الله بن مطروح المقرئ الجيلي، وأبو الثناء أحمد بن ميسرة بن أحمد بن موسى بن غنام الغمراني الحنبلي المصري الكامخي. وكانا صالحين. وكان الأول مقرئًا، حسن التلفظ بالقرآن. وكان الثاني كثير الذكر والتسبيح. حدث عنه المنذريُّ، وقرأ على الأول القرآن. وكان الشيخ أبو عمرو له كرامات، وأحوال ومقامات، وكلام حسن على لسان أهل الطريقة. فمن ذلك قوله: الطريق إلى معرفة الله وصفاته: الفكر، والاعتبار بحكمه وآياته، ولا سبيل للألباب إلى معرفة كنه ذاته. ولو تناهت الحكم الإلهية في حد العقول، وانحصرت القدر الربانية في درك العلوم؛ لكان ذلك تقصيرًا في الحكمة، ونقصًا في القدرة، لكن احتجبت أسرار الأزل عن العقول، كما احتجبت سبحات الجلال عن الأبصار، فقد رجع معنى الوصف في الوصف، وعمي الفهم عن الدرك، ودار الملك في الملك، وانتهى المخلوق إلى مثله، واشتد الطلب إلى شكله: (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) [طه: ١٠٨]، فجميع المخلوقات من الذرة إلى العرش سبل متصلة إلى معرفته، وحجج بالغة على أزليته، والكون جميعه ألسُنٌ ناطقة بوحدانيته، والعالم كله كتاب يقرأ حروف أشخاصه المتبصرون على قدر =