للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آية أخرى: ﴿وَسَارِعُوا﴾ [آل عمران: ١٣٣]، فاعلم رحمك الله أن المسارعة هي المتابعة، فينبغي للمؤمن أن يسأل الله تعالى أن يرزقه المتابعة، ويحرسه مما يخطر بباله من هواجس النفس، وشبهات الدين، ومما خيل في ضميره مما تنفيه عظمة الله سبحانه، فإن الحق تعالى بخلافه، فيستغفر الله منه؛ فإنه من الشيطان.

فإن صحَّ ما تقدم ذكره عن المرازقة (١)، فهي أفعال غير لائقة، تمنع من دخول الجنة، وإلى النار سائقة؛ لأنه خرج عن الطريق وعصى خالقه، فأعمالهم أعمى لهم، وأفعالهم أفعى لهم، وهي كاسدة غير نافقة، اسمعوا أيها المرازقة: إن من شرط المرافقة الموافقة. قال : «من ترك سنتنا فليس منَّا … » (٢) الحديث.

فعليك أيها المؤمن! بالمتابعة، ودع عنك المنازعة، فالمتابعة تثبت الاتصال، وعدمها يثبت الانفصال، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].

فلما عمل سلمان الفارسيُّ بالسنة سبق العجم إلى الجنة، وبلال لأجل اتباعه سبق الحبشة؛ فله الفضل والمنة؛ ولأجل ذلك سبق صهيب الروم، وأبو طالب لخروجه في الحضرة وهو محروم، فقربت المتابعة هؤلاء العبيد للنبي وللمولى المجيد، وبعدت المعاصي والبدع بين النبيين وأولادهم وأزواجهم، فسبحان الفعال لما يريد.

وقد ذم الله أقوامًا ولعن آخرين؛ لخروجهم عن طريق (٣) أنبيائهم، ولم يتبعوا حكم الكتاب، فاعتبروا يا أولي الألباب؛ بما أصاب غيركم من شؤم


(١) أحسن المصنف في تعليق ما ذكره من ذم المرازقة بثبوت ذلك عنهم، فالكلام بين الطوائف المختلفة لا يخلو في الغالب من مبالغات ومجازفات، والكلام في الناس لا بدَّ أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم. (ت)
(٢) سبق تخريجه بلفظ: «من رغب عن سنَّتنا فليس منا».
(٣) في (ق): طرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>