للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (١).

ولهم بدعة أخرى أطمُّ من هذه وأغمُّ، وهي أنهم لا يقولون بتوبة الشاب إذا رجع إلى الله وتاب، وهذا القول مما يسخط رب الأرباب، وهو مخالف للسنة والكتاب، قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨].

وقد أجمع المسلمون على قبول توبة الكفار إذا رجعوا إلى السيد الغفار، فرحمة الله تعالى وسعت الكافر، أفما تسع المؤمن الفاجر؟! أتضيق أيها المسكين هذه الرحمة الواسعة على المسلمين وتقنطهم من رحمة رب العالمين؟ قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].

فمن ضيَّق على المسلمين هذه الرحمة الواسعة فقد غرُبَت شمسُ إيمانه بعد أن كانت طالعة، وجاء في الحديث أن عابدًا وعظ رجلًا مسرفًا على نفسه، فوعظه مرارًا فلم يأتمر، وقال: دعني) (٢) وربي، ما بُعثت (٣) عليَّ رقيبًا. فغضب العابد، وقال للمسرف: والله لن يغفر الله لك. فأحبط الله تعالى عمل العابد وأدخله النار، وغفر للمسرف وأدخله الجنة (٤). فهذا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٤٤٠٦) من طريق الحسن، والبغوي في «شرح السنة» ١٠/ ٤٤ من طريق النواس بن سمعان، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٣٨١)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٨٧٣) من طريق عمران بن حصين ، به.
قال الألباني في «الصحيحة» (١٧٩): صحيح.
وأخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٩٤ (٧٢٤)، والبخاري في «صحيحه» (٧٢٥٧)، ومسلم في «صحيحه» (١٨٤٠)، وأبو داود في «سننه» (٢٦٢٥)، والنسائي في «المجتبى» ٧/ ١٥٩ (٤٢٠٥) من حديث عليٍّ بلفظ: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف».
(٢) إلى هنا نهاية سقوط ورقة من (ق).
(٣) في (خ): بعث.
(٤) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢٦٢١)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧١١) عن جندب؛ أَنْ رسول الله حدث: «أن رجلاً قال: والله لا يغفر اللَّه لفلان، وإنَّ الله تعالى قال: من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ فإنِّي قد غفرت لفلان وأحبطت عملك».

<<  <  ج: ص:  >  >>