للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العابد حصر بجهله رحمة الله تعالى، ودخل في علمه، وحلف كاذبًا، وأفتى بجهل؛ فأرْدَاه جهلُه، كالراهب الذي أتاه القاتل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، واستفتاه هل له من توبة؟ فأجابه بأن ليس له عند الله توبة، فقتل الراهب وكمَّل به المئة، ثم ذهب إلى رجل آخر وكان عارفًا، فقال له: هل لي من توبة؟ فأجابه: نعم؛ رحمة الله واسعة، تُب واذهب إلى القرية الفلانية. وكان في القرية قومٌ صالحون، فتاب الرجل وخرج يريد القرية ليعبد الله فيها، فأدركه الموت قبل وصوله، فاختصمت عليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فابتعث الله تعالى ملكًا وقال: إن كان قد مات في أرض الصالحين فيتولى أمره ملائكة الرحمة، وإن كان في أرض الآخرين فيتولى أمره ملائكة العذاب، وكانت منيته في وسط الأرضين، فانقلب عند (خروج روحه) (١) إلى أرض الصالحين، فتولى أمره ملائكة الرحمة (٢).

وهذا حديث صحيح، لكن قلته بالمعنَى؛ لأنِّي نسيتُ أن أنقله على الوضع (٣)، وكثير من حكايات الصالحين ذكرتهم بالمعنى، وقد جوز هذا


(١) في (ق): خروجه.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٤٢٢٠)، وأحمد في «مسنده» ٣/ ٢٠ (١١١٥٤)، ومسلم في «صحيحه» (٢٧٦٦)، وابن ماجه في «سننه» (٢٦٢٢)، وأبو يعلى في «مسنده» (١٣٥٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٦١١) عن أبي سعيد الخدري؛ أن النبي قال: «إن رجلًا قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ قال: لقد قتل تسعة وتسعين نفسًا فليست له توبة. قال: فانتضى سيفه فقتله، فكمل مئة، ثم إنه مكث ما شاء الله، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل، فقال: إنه قد قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ فقال: ومن يحول بينه وبين التوبة؟! أخرج من القرية الخبيثة التي أنت بها إلى قرية كذا وكذا، فاعبد ربك ﷿ فيها. قال: فخرج وعرض له أجله، فاختصم فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، قال إبليس: إنه لم يعصني ساعة قط. قالت ملائكة الرحمة: إنه خرج تائبًا، فبعث الله ملكًا فاختصما إليه، فقال: انظروا إلى أي القريتين كان أقرب فألحقوه بها. فقرَّب الله منه القرية الصالحة وباعد عنه القرية الخبيثة؛ فألحقوه بأهلها».
(٣) في (ب): الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>