للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسمع قول رب العالمين: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣]، وقال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ﴾ [الأحقاف: ٣١]. قال بعض العلماء: هو المؤذن. فالمؤذن يُعرِّف الناس بدخول الوقت، ويدعوهم إلى خدمة الملك العلام، وإلى الصلاة مع الإمام، والحق سبحانه يدعوهم إلى دار السلام (١)، يدعوك يأيها العبد وهو غني عنك، ولم تجبه وأنت محتاج إليه، فانظر ماذا يكون حالك (إذا أوقفك الله تعالى) (٢) بين يديه، ثم اعلم أن بلالًا وابن أم مكتوم ، كانا يؤذنان في مسجد النبي ، وكان بلال يؤذن الفجر بليل، وابن أم مكتوم يؤذن في الوقت إذا طلع الفجر الثاني، ولكل منهما فائدة جليلة: أما أذان بلال بليل ليوقظ النائم ويسحر الصائم، فإذا أذن ابن أم مكتوم أمسك الصائم عن أكله وشربه، واستعد لخدمة خالقه وربه.

نرجع إلى مقصود الكتاب: قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذكر الله﴾ [الجمعة: ٩]. وقال : «من ترك جمعةً اسودَّ قلبُه» (٣)، وقال : «من ترك ثلاث جمع طبع الله على قلبه» (٤). والطبع أشد من السَّواد، طبع الحق سبحانه على قلوبهم، لتخلفهم عن السعي بغير عُذر لخدمة سيدهم ومحبوبهم. فلما ادعوا المحبة وسعوا في مخالفة محبوبهم؛ محاهم الله سبحانه من ديوان المحبة، ولم يبلغهم إلى محبوبهم (٥). قال بعضهم:


(١) في (ب): الإسلام.
(٢) في (ق): وقفت.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٤٢٤ (١٥٤٩٨)، والدارمي في «سننه» (١٥٧٩)، وابن ماجة في «سننه» (١١٢٥)، وأبو داود في «سننه» (١٠٥٢)، والترمذي في «سننه» (٥٠٠)، والنسائي في «المجتبى» ٣/ ٨٨ (١٣٦٩)، وفي «السنن الكبرى» (١٥٨٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٨٥٧) عن أبي الجعد الضمري، قال: قال رسول الله : «من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه».
وقال الحاكم في «المستدرك» (١/ ٢٨٠): هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الألباني في «صحيح الترغيب» (٧٢٧): حسن صحيح.
(٥) في (خ، ب): مطلوبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>