للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يباح من النظر هو أن يقع نظره على شيء بغير تعمد، وينظر السيد أو المعلم للصبي الحسن بقدر الحاجة من أمر ونهي أو تعليم شيء، فإذا فرغ من حاجته غضَّ بصره.

وكذلك الطبيب والشاهد ومشتري الجارية، ينظرون بقدر الحاجة، فما (١) زاد نقص عند الله تعالى، وكل مَنْ تحلت النفس بالنظر إليه فنظره حرام، وسواء كان المنظور إليه ابن سبعين سنة أو بنت شهرين، وسواء كانت امرأة أبيه أو امرأة ابنه، أو بنت امرأته التي دخل بها، والنظر يباح للشاهد والطبيب ومشتري الجارية وإن اشتهت نفوسهم؛ لأجل الضرورة ولمصالح العباد، فإذا عرف حلية المرأة لا يزيد (٢).

ألا ترى أن الإنسان إذا اضطر أُحلت له الميتة، فيتناول منها قدر القوت؛ لكي لا يموت، والزيادة حرام، وقال بعضهم: يأكل حتى يشبع ولا عليه ملام؟ ويجوز شرب الخمر لمن وقف في حلقه شيء، فإذا نزلت اللقمة فالزيادة حرام، وكذلك من ابتلي بالعطش المهلك، ولم يجد غير محرم يشرب منه قدر ما يزيل عطشه، والزيادة حرام، ونظيره كثير، ونسأل الله حسن الخاتمة واللطف والتدبير فيما جرت به المقادير.

وقد جاء في الحديث: «إن سبعة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم، ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين»، وذكر من جملتهم: «اللوطي، والجامع بين المرأة وابنتها» (٣)، وهذا يدل على أن النفس الخبيثة تزني بمحارمها،


=ولا يقدر أن يتخلص منها بسبب أنه كلما هرب ردته بالسحر، الكلُّ في «شرح المنظومة» لابن الشحنة».
قلتُ: هذا رأي خالٍ من الدليل، وهو غير سديد، والإذن لها بقتله سرًّا بسمٍّ ونحوه أقبح وأسوأ من تحريضها على قتله بالسلاح، فإنه يفتح بابًا عظيمًا للفساد والفوضى والجرأة على الدماء، خاصَّة من امرأة قد أغاظها طلاق زوجها لها، فتصنع له مكيدة وتقتله، وتدعي أنه أراد جماعها! (ت)
(١) في (خ): ومن.
(٢) في (خ): يزاد.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٥٤٧٠) من حديث أنس بن مالك، ولفظه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>