للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهالك والردى، ولا تقل بمشاهدته فتخرج عن السنة، وتدخل في طريق من ضلَّ واعتدى. وكان السلف الصالح إذا رأى أحدهم الأمرد يفر منه كما يفر من الأسد.

قال المؤلف عفا الله عنه: رأيت فرسًا عند بعض الأصحاب إذا قرب منه الأمرد يميل برأسه إليه ويلعب معه، وإذا جاءه الرجل الملتحي يكدمه ويرفسه. فالدابة تميل وهذا الآدمي الخارج الثقيل قال إنه لا يميل، فيخالف بقوله وفعله الدليل، ويعصي المولى الجليل.

ثم اعلم بأن المملوك عند سيده أمانة؛ فإن ظلمه أو أغضبه أو نظر إليه بشهوة وقع في الذنوب والخيانة، فيخاف على سيده أن لا يوفقه الله تعالى، ولا يرزقه أمانَهُ.

وإن كان السيد محصنًا وأراد الفساد بعبده، ولم يمكن الخلاص لعبده منه إلا بقتل سيده لم يأثم العبد بقتله، فيقلُّ الفساد، وتستريح منه البلاد والعباد؛ لأن المملوك هو للخدمة لا للفراش كما جاء في الحديث «الصحيح» (١)، وكذلك إذا غصب الرجل امرأةً أجنبيةً، وأراد بها الفساد، ولم تقدر أن تتخلص منه إلا بقتله لم تأثم بقتله. وكذلك إذا علمت المرأةُ أن زوجها طلقها ثلاثًا، أو الطلاق البائن ثم جاء يريد جماعها بقلة دينه؛ إن عملت له شيئًا فمات منه لم تأثم، بهذا أخبرنا علماؤنا (٢).


(١) لا ندري أي حديث يقصد، وكون العبد المملوك الذَّكر للخدمة لا للفراش مما لا يختلف فيه أحد من المسلمين، وكذلك سيدته لا يجوز لها أن تستمتع بعبدها إجماعًا، ولكن لها أن تعتقه وتتزوجه إذا شاءت ذلك، أما الأمة المملوكة فيباح للسيد الذكر الاستمتاع بأمته، وفي هذا رفع لشأنها، فإن الأمة إذا استمتع بها سيدها ربما تأتي منه بولد فيرتفع قدرها بذلك، وتكون حرة بعد موت سيدها لا تورث ولا تباع.
(٢) قال ابن نجيم في «البحر الرائق شرح كنز الحقائق» ٣/ ٢٧٧: «وهل لها أن تقتله إذا أراد جماعها بعد علمها بالبينونة فيه قولان، والفتوى: أنه ليس لها أن تقتله، وعلى القول بقتله تقتله بالدواء، فإن قتلته بالسلاح وجب القصاص عليها، وليس لها أن تقتل نفسها، وعليها أن تفدي نفسها بمال أو تهرب، وليس له أن يقتلها إذا حرمت عليه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>