للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإجماع المسلمين، وطول الوقوف بغير حاجة من أفعال المتكبرين، فإن قال قائل: أنا أحب النظر إلى ما حسَّنه الله من الصور، لكن ما في قلبي خيانة. كذب والذي أسبل على الخلق ستره وإحسانه؛ لأن الله تعالى لما خلق النفوس خلق فيها الميل، ولذلك قال تعالى: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ [النساء: ١٢٩]، وقد خلق الله تعالى في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وأباح الجميع لآدم غير شجرة، وكان جلساؤه الملائكة فلما خلق تعالى حواء ترك آدم الجميع ومشى خلفها، فلما مالت نفسه إليها زوجه الله تعالى بها، ولما دخلن النسوة على يوسف يراودنه بأن لا يخالف امرأة العزيز خاف على نفسه من الميل؛ فدعا ربه وقال: يا رب، كانت واحدة صرن جماعة، ﴿قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يوسف: ٣٣ - ٣٤]. فمن بارز الله تعالى بالميل إلى محرم ثم ادعى القوة والعصمة، يخاف عليه (من الميل به إلى) (١) جهنم، وقد جاء في بعض الآثار: من قارف الفتنة وادعى العصمة فارجموه فإنه كذاب (٢). فنفس آدم مالت، وهذا العبد الكثيف الخارج عن الشرع الشريف يدعي القوة، وهو ضعيف، والدليل على ضعفه قوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]. فسَّرها سفيان قال: هي المرأة تمر بالرجل فلا يملك نفسه عن النظر إليها، ولا ينتفع بها. فأي شيء أضعف من هذا؟ (٣).

والغلام الحسن الوجه هو بمنزلة النساء؛ بل هو أشد فتنة؛ لأن المرأة بمعزل عن الرجال، وهذا مختلط بهم، والمرأة قد يصل إليها بالزواج، وهذا قد حرَّمه الله تعالى أبدًا (على طول المدى) (٤)، فلا تلق نفسك بصحبته في


(١) في (خ) أن تميل به.
(٢) أورده السفاريني في «غذاء الألباب شرح منظومة الآداب» ١/ ٧٢.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨/ ٢١٦)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٣/ ٩٢٦) عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه.
(٤) ليست في (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>