للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مريم: ٣٩]، ومن الإحسان: إذا طالت المدة، أو كبر العبد عند سيده، (أن يعتقه) (١) لعله ينجو من عهدته كفافًا.

وجاء في الحديث الصحيح: «إن الله تعالى يعتق بكلِّ عضوٍ من العبد عضوًا من السيد حتى الفرج بالفرج» (٢)، ويحسن السيد لمن كان (من مماليكه) (٣) أكثر دينًا، لا أكثر حسنًا؛ موافقة لله تعالى، فإنه يحب من أطاعه ويبغض من عصاه. فإن كان العبد طائعًا لربه ممتثلًا أوامر سيده، معتدل القامة؛ كان خيرًا على خير، الذي حسَّن الله تعالى خَلقه وخُلقه. لكن النفس تميل إلى الشاب الجميل، ومن نظر إليه بشهوة سقط من عين المولى الجليل، وقد حسَّن الله سبحانه هذه المحسنات لمعانٍ ثلاث:

الأولى: يقول الإنسان (٤): هذا حُسْنُ ما يفنَى، فما بالك بحسن ما يبقى.

والثانية: ليحصل للصابر الثواب بكف الكف عن العصيان، وظهور ثمرة الإيمان؛ فإن في الشرع لا يحل النظر إليه بغير حاجة، وتحرم الخلوة به، ولا يحل أيضًا لمسه إلا بغير شهوة؛ لأن النفس تلتذ بجميع ما ذكرناه، وتلتذ النفس أيضًا بمجالسته وبكلامه وبسلامه، ونهى الشرع عن مجالستهم، وعن النظر إليهم.

وقد تقدم قول سهل بن عبد الله: إنه سيكون في هذه الأمة أناس يقال لهم: اللوطيون، وهم على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف


(١) في (خ، ب): أعتقه.
(٢) أخرجه أحمد ٣/ ٤٩٠ (١٦٠١٠)، وأبو داود (٣٩٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤٨٩٢)، وابن حبان (٤٣٠٧)، والحاكم ٢/ ٢١٢، عن الغريف الديلمي، قال: أتينا واثلة بن الأسقع الليثي، فقلنا: حدِّثنا حديثًا سمعته من رسول الله ، قال: أتينا النبيَّ في صاحبٍ لنا قد أوجب، فقال: «اعتقوا عنه، يعتق الله ﷿ بكل عضو منه عضوًا منه من النار».
وقال ابن الملقن في «البدر المنير» ٨/ ٥٠٣: حديث صحيح.
(٣) في (ق): في ممالكه.
(٤) في (خ، ب): القائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>