للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصاص يوم القيامة، ويرى السيد تقصير رقيقه في خدمته من تقصيره هو في خدمة سيده وخالقه.

كان محمد بن المنكدر إذا غضب على غلامه يقول: ما أشبهك بسيدك (١).

وعرك عثمان بن عفان أذن غلامه مرة، ثم ندم على فعله، وقال لغلامه: اعرك أذني كما فعلت بك. وأكرهه على ذلك (٢).

وغضب مرة أبو هريرة على غلام (٣) له فرفع يده ليضربه، فافتكر القصاص، وقال: لأبيعنك لمن يوفيني ثمنك. فأعتقه (٤).

وإذا ضرب الرجل مملوكه، فأقسم عليه بالله تعالى؛ فليتركه ويبر قسم الله تعالى (٥)؛ إلا أن يكون حدًّا من حدود الله ﷿، فإن لم يوافقه المملوك على ما يريد فلا يعذبه على ممر الأيام والشهور، والحق سبحانه غيور، وليس له ناصر إلا الرب الغفور. وقد نهى الشرع (٦) عن تعذيب الحيوان؛ فما ظنك بالإنسان! فينبغي بيعه ولو بثمن بخس؛ نقص الدنيا ولا ذهاب الآخرة. وإن كانت الدابة تحمل السيد وعبده فلا يتركه يسعى خلفه؛ فإنه نوع من التكبر، وخلاف للسنة، فإن لم تطق الدابة حملهما فلا يسرع في السير لأجل راحة عبده، فلا يدري لعل العبد أفضل من سيده عند الله تعالى، فيا حسرة سيد تجره إلى النار الزبانية، وعبده تتلقاه الملائكة لجنة قطوفها دانية، وهذه حسرة عظيمة؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾


(١) أخرج ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥٠/ ١٧ أن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود كان إذا غضب على غلامه قال: ما أشبهك بمولاك، تعصيني وأنا أعصي الله، فإذا اشتد غضبه قال: أنت حر لوجه الله.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في (خ): خادم.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) في (ق): قسمه.
(٦) في (ق): الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>