للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وصى النبي على الإماء والعبيد، فمن عمل بوصيته ورحمهم؛ رحمه الله تعالى، وأعطاه ما يريد، فقال في وصيته: «لا تكلفوهم؛ فإنهم لحم ودم كأمثالكم؛ ألا من كلَّفهم كنت خصمه يوم القيامة» (١).

ومن السنة أن لا يغلظ عليهم في الكلام جبرًا لقلوبهم؛ فإنها مكسورة لأجل العبودية، ولمفارقة الإخوان والأهل والأوطان، والتشتت في البراري والبلدان، فمن جبرهم جبره علام الغيوب يوم تنكسر فيه القلوب، ومن رحمهم وأراحهم في هذه المدة القليلة أراحه (٢) الله تعالى راحة طويلة (٣).

قال صلوات الله عليه وسلامه: «الرحماء يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، من لا يَرحم لا يُرحم» (٤).

فإذا طال وقوف الأجناد والمماليك بغير حاجة بين يدي الأمير، ولم يأذن لهم بالجلوس، فقد سقط من عين الملك القدوس القدير، وخرج عن طريق البشير النذير، وهو نوع من التكبر، ومن صفات الجبابرة والفراعنة


(١) لم نجده، وانظر حديث أبي ذر الآتي، وقد صحَّ أنَّ عامة وصية رسول الله كانت: «الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم»، وفي لفظ: «اتقوا الله، وما ملكت أيمانكم» حتى جعل يغرغر بها في صدره، وما يفيض بها لسانه. انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (٨٦٨).
(٢) في (ق): أراحهم.
(٣) وأَخرج أحمد في «مسنده» ٥/ ١٦١ (٢١٤٣٢)، والبخاري في «صحيحه» (٣٠)، وفي «الأدب المفرد» (١٨٩)، ومسلم في «صحيحه» (١٦٦١)، وابن ماجة في «سننه» (٣٦٩٠)، وأبو داود في «سننه» (٥١٥٧)، والتِّرمِذي في «جامعه» (١٩٤٥) عن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بالربدة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلًا فعيرته بأمه؛ فقال لي النبي : «يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».
(٤) هذا حديث حسن صحيح، وقد سبق تخريجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».

<<  <  ج: ص:  >  >>