للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أنه كان يحط يده في يد الجارية، فتذهب به حيث شاءت (١). وركب حمارًا عريانًا، وكان من جملة خُلُقه اللطيف إذا ركب الناقة يحب الرديف؛ فخلقه الجميل وخلق الأصحاب لا يحصرهم هذا الكتاب، لكن ذكرنا شيئًا من بعض صفات الأحباب، وليعلم الإنسان أن الله سبحانه قد نفى عنهم الكبر والإعجاب.

روي أن سلمان الفارسي كان يضفر الخوص في أمريته، فلامه بعض الناس (٢)، فقال : جئتكم ومعي درهم من حلال أشتري به خوصًا وأعمله قففًا (٣)، فيصير الدرهم ثلاثًا، فأتصدق بدرهم، والدرهم الآخر أنفقه على عيالي، والدرهم الباقي هو رأس مالي، والله لو نهاني عن ذلك عمر بن الخطاب ما انتهيت (٤).

وكان أبو هريرة يحتطب ويبيعه، فينفقه على نفسه وعلى عياله، وهو يومئذٍ أمير بالمدائن، وكان إذا اشتد الزحام والحطب على ظهره يقولون: طرِّقوا للأمير (٥).

ومع هذا الاحتياط العظيم كان الخوف قد استولى على قلوبهم،


=على حالهم، وقدموا على ربهم، فأكرم مآبهم، وأجزل ثوابهم، فأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي دونهم، فأصبر أيامًا يسيرة، أحب إلي من أن ينقص حظي غدًا في الآخرة، وما من شيء أحب إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي»، قالت عائشة : فوالله ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله ﷿.
قال الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء»: حديث أبي سعيد الخدري وعائشة … بطوله؛ لم أقف له على إسنادٍ.
(١) أخرجه أحمد بن حنبل في «مسنده» ٣/ ٩٨ (١١٩٤١)، وابن ماجة في «سننه» (٤١٧٧) عن أنس بن مالك موصولاً.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (٦٠٧٢) معلقًا، بلفظ: إن كانت الأَمَة لتأخذ بيد رسول الله ، فتنطلق به حيث شاءت.
(٢) في (خ): الصالحين.
(٣) في (ب): قفصًا.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) ذكره ابن الأثير في «جامع الأصول» في ألفاظ حديث لأبي هريرة برقم: (٨٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>