للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصفة) (١) أحبابه، ونعدل عن وصف من طرده الله تعالى عن بابه، فقال في صفة أعدائه: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٤]، وقال تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [ص: ٧٤]. فالكبر يؤدي إلى الكفر بالحرمان، ولأجل التواضع جعل الله موسى نبيًّا وكلمه بغير ترجمان، فاختر أيها المؤمن! لنفسك ببيان، ولا تَبْع الهدى بالضلالة والخسران، ثم اعلم أن سبب ما كثَّرنا هاهنا الأخبار والأمثال والدليل إلا لكثافة هذا الآدمي؛ فإن طبعه ثقيل، وفي أكثر أوقاته إلى اللهو والبدع والباطل يميل، ولا سيما المتكبر؛ فإنه أثقل الجماعة الخارجين عن طريق صاحب المعجزات والشفاعة.

ومن الكبر أيضًا أن يسخر الإنسان بخلقٍ من خلقِ الله تعالى مؤمنًا كان أو كافرًا، برًّا كان أو فاجرًا، قال المولى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ [الحجرات: ١١]. فإن قدرت أن لا تسخر من كلبٍ فافعل؛ لأنه خلق من خلق الله.

قال بعض الصالحين: لو سخرت من كلب خفت أن يحوِّلني الله كلبًا. سخر بعضهم من كلب فسمع قائلًا يقول: اخلق مثله. فكان سبب توبته؛ فلم يسخر من شيء بعد ذلك.

وكذلك لا يسخر الإنسان من أهل الكفر، والفسوق والعصيان، ويشكر الله عند رؤياهم؛ لأجل ما عافاه وابتلاهم؛ قال : «إذا رأيتم أهل البلاء اسألوا الله العافية» (٢)، فإذا رأى الإنسان من ابتلي في جسمه بأمراض


(١) في (خ): تتصف بوصف.
(٢) ليس لهذا الحديث أصل بهذا اللفظ، وساق الخطيب في «تاريخ بغداد» (٦٦٤٦) في ترجمة: العباس الآجري، عن الحسن بن غالب، قال: سمعت عباسًا الآجري، يقول: سئل الشبليُّ عن قول النبي : «إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية»، قال: من هم أهل البلاء؟، قال: أهل الغفلة عن الله.
والشبلي هو أبو بكر دلف بن جحدر، وقيل: ابن جعفر، الخراساني الأصل، والبغدادي المولد والمنشأ، من الزهاد والعباد، مالكي المذهب، صحب الجنيد وطبقته، وتوفي سنة (٣٣٤) .
ولعلهم أخذوا هذا اللفظ من الحديث الثابت في هذا الباب؛ وهو ما أخرجه الترمذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>