للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوك لم يشغله رقُّ الدنيا عن طاعة ربه، وفقير ضعيف ذو عيال. وأمَّا أول ثلاثة يدخلون النار: أميرٌ مسلط، وذو ثروة من المال لا يؤدي الزكاة، وفقير فخور» (١)، فالتكبر هو حجاب بين العبد ورب الأرباب، ونسأل الله الكريم الوهاب أن يخرق هذا الحجاب.

ثم اعلم بأن الله ﷿ قد جعل قبل خلق السموات والأرض العزَّ في الطاعة، والذُّل في المعصية، والمؤمن هو عالم بأن الحق تعالى لا بد أن يعزَّ من أطاعه، ويذلَّ من عصاه، وتراه على الدوام يخالف سيده ومولاه، وكيف هذا؟! قال: حتى تعلم أن ناصيتك بيده، وأن العلم والخبر لا يحجزان أحدًا عن القضاء والقدر، ونسأل الله تعالى أن يدرك نفوسنا الهالكة التالفة، فليس لها من دون الله كاشفة، فمن رزقه الله تعالى علمًا وعقلًا، ثم سعى في استجلاب ما يضره، وفي دفع ما ينفعه (كان هذا العلم والعقل) (٢) حجة عليه يوم يوقفه الحق بين يديه، ليته لا رزق هذا العقل والعلم؛ لأن الجهل خيرٌ من علمه، والمجنون أحسن حالًا من هذا العاقل؛ لأن المجنون القلم مرفوع عنه، ويثاب على جُنِّه، وهذا المسكين يعاقب على عقله، وكان يتعوذ من علم لا ينفع، ومن أذن لا تسمع، ومن قلب لا يخشع، (ومن عين لا تدمع) (٣)، ومن بطن لا يشبع (٤). وقد وصف الله تعالى لنا في الكتاب صفة الأعداء وصفة الأحباب؛ لكي (نتصف


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٤٢٥ (٩٤٩٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢٢٤٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٣١٢) و (٧٢٤٨) و (٧٤٨١) من حديث أبي هريرة .
وقال الألباني في «ضعيف الترغيب والترهيب» (٤٦٤): ضعيف.
(٢) في (خ): هذا العلم والعقل يكونا.
(٣) ليست في (ق).
(٤) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢٧٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٨١٦) من حديث زيد بن أرقم قال: كان رسول الله يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها».

<<  <  ج: ص:  >  >>