للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت يده ألوف من الملائكة، يحكم عليهم، فتكبر على آدم، فصيَّره الله تعالى بعد الملكية (١) شيطانًا، وغيَّر لونه ومكانه، ولعنه إلى يوم القيامة، فيخاف على المتكبر أن يحبط عمله الله تعالى، ويكون رفيقًا لإبليس في جهنم، فيعود في حسرة وندامة؛ لتشبهه بالأبالسة والفراعنة لعنهم الله، ومن تشبه بقوم حُشر معهم (٢). روي ذلك عن من ظللته الغمامة.

قال العلماء: لما خلق الله هذا الوجود، طلب الكل العلو إلا الماء، فتواضع فجرت منه السيول، وطلبت بطون الأودية والسهول، ولم تتعرض للعلو، فجعل الله تعالى منه كل شيء حي، مما يعقل ومما لا يعقل، وعاشت الأشجار، وأذهب الله به الأكدار، وطهر به الأنجاس، وعاش النبات والحيوان والناس، وكذلك أنت أيها المؤمن؛ إن تواضعت (لله ولعظمته) (٣)؛ جعل منك كل شيء حي، فيحيي (٤) جوارحك بالمجاهدة، ويحيي قلبك بالمشاهدة، قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: ٩٧].

فإن قال قائل: قد أخبرتني ببعض ما أعد الله تعالى من الحسنات لمن تواضع لعظمة الله وخضع، وما أعده لمن خرج عن طريق الله ورسوله فتكبر وابتدع، فأخبرني ما صفة التواضع؟ وما هو التكبر؟ وما صفة الرحمة؟ فإن كان فيَّ شيء من صفة المتكبرين فادع الله الكريم الغفار أن ينقذني من صفات أهل النار، وإن ظهر (٥) فيَّ شيء من التواضع شكرت الله تعالى الذي خصني بحلية الأبرار.


(١) في (خ): المليكة.
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٥٠ (٥١١٤)، وعبد بن حميد في «مسنده» (٨٤٨)، وأبو داود في «سننه» (٤٠٣١) من حديث ابن عمر، بلفظ: «ومن تشبَّه بقوم فهو منهم». وقال الزركشي في «اللآلي المنثورة في الأحاديث المشهورة»: أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر بإسناد في ضعف.
(٣) في (خ، ب): لعظمة الله سبحانه.
(٤) في (خ): هو يحيي.
(٥) في (ق): كان. وفي (ب): حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>