للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا من أموال المسلمين، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار.

وكره بعضهم القراءة في الطواف، وقال: إنها بدعة. وقال بعضهم: لا تكره؛ لأنها بدعة حسنة (١).

وأجمع العلماء: أن قراءة القرآن لا تجوز للجنب، وفي المرأة الحائض إذا خافت من النسيان خلافٌ، فلو قرأ الجنب أو صلى النافلة في وقت النهي بغير سبب، يعاقبه الله تعالى بالإجماع؛ لأنه فعل الشيء في غير محله (٢). قال له القائل: أيعاقب الإنسان على قراءة القرآن، وعلى وقوفه بين


(١) لم أر من وصف قراءة القرآن في الطواف بالبدعة، وأقل الأقوال فيه الجواز، وهو مذهب الحنفية، فقد قال محمد بن الحسن الشيباني في «الأصل» ٢/ ٤٠٢: ويكره له أن يرفع صوته بقراءة القرآن فيه، ولا بأس بقراءته في نفسه. وقال ابن قدامة في «المغني»: ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف، وبذلك قال عطاء، ومجاهد، والثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وعن أحمد أنه يكره. وروي ذلك عن عروة، والحسن، ومالك. ولنا: أن عائشة روت، أن النبي كان يقول في طوافه: ﴿ربنا آتنا الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾ [البقرة: ٢٠١]. وكان عمر وعبد الرحمن بن عوف يقولان ذلك في الطواف، وهو قرآنٌ، ولأن الطواف صلاة، ولا تكره القراءة في الصلاة. قال ابن المبارك: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن. ويستحب الدعاء في الطواف، والإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال، ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى. (ت)
(٢) في (خ، ب): موطنه.
قلتُ: ادعاؤه الإجماع على منع الجنب من القراءة؛ غريب جدًّا، ولعلَّ المؤلف قد بالغ في الاعتداد بالقول المشهور في المنع وهو مذهب الحنفية وبقية المذاهب الأربعة؛ حتَّى ظنَّه إجماعًا. والحق أن المسألة خلافية، فقد قال أبو جعفر الطحاوي الحنفي في «اختلاف العلماء» كما في مختصره للجصاص ١/ ١٧٢: لا تقرأ القرآن عند أصحابنا والثوري حائض ولا نفساء ولا جنب، وقال مالك: تقرأ النفساء والحائض ما شاءتا، وأما الجنب فلا يقرأ إلا الشيء الخفيف. وقال الأوزاعي: تقرأ الحائض القرآن إذا رحلت وإذا ركبت. وقال الليث: لا يقرأ الجنب إلا عند الفزعة يفزعها. وقال الشافعي: لا يمنع من قراءة القرآن إلا الجنب. وقال ابن قدامة في «المغني»: ولا يقرأ القرآنَ جنبٌ ولا حائض ولا نفساء، رويت الكراهية لذلك عن عمر وعلي والحسن والنخعي والزهري وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي. وقال الأوزاعي لا يقرأ إلا آية الركوب والنزول: ﴿سبحان الذي سخر لنا هذا﴾ =

<<  <  ج: ص:  >  >>