قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يُتاب منها والمعصية يتاب منها. ومعنى قولهم: إن البدعة لا يتاب منها؛ أن المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ولا رسوله قد زُين له سوء عمله، فرآه حسنًا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه. أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنًا وهو سيء في نفس الأمر فإنه لا يتوب. ولكن التوبة منه ممكنة وواقعة، بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق، كما هدى ﷾ من هدى من الكفار والمنافقين، وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه، فمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧)﴾ (مجموع الفتاوى: ١٠/ ٩). (ت)