للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهل الأهواء هم قومٌ استعملوا أهواءهم، فمالت بهم عن الحق كلما استحلوا شيئًا اتخذوه دينًا: كالروافض، والقدرية، والجهمية وأشباههم، ساروا شيعًا وأحزابًا، ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: ٣٢].

وأهل البدع هم قومٌ تركوا طرق أنبيائهم، واتبعوا طرق أشياخهم، وجدوهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون.

ثم اعلم بأن في الخطب ما يبتدع فعله، وفيه ما يسن، وعليه يثاب، وفيه شيء افترضه الكريم الوهاب، وهي خطبة الجمعة، والسنة هي خطبة العيدين، وفي الاستسقاء والخسوف والكسوف خلاف.

وفي الحج ثلاث خطب: إحداهن قبل التروية بمكة بعد الظهر؛ خطبة واحدة لا يجلس فيها. وخطبة يوم عرفة بعد الزوال، قبل الصلاة يخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة كخطبة الجمعة إذا فرغ المؤذنون خطب؛ لأنها مقدمة على صلاة الظهر، كما يصلي بعد خطبة يوم الجمعة، والخطبتان الأخريان لا يجلس فيهما؛ لأنهما للتعليم، ليس عقبهما صلاة، فصارتا كخطبة العيدين، وكسائر الخطب التي تخطب للحوادث.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= داخل ضمن المسرفين على أنفسهم والظالمين لها، فتشمله آيات التوبة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يُتاب منها والمعصية يتاب منها. ومعنى قولهم: إن البدعة لا يتاب منها؛ أن المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ولا رسوله قد زُين له سوء عمله، فرآه حسنًا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه. أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنًا وهو سيء في نفس الأمر فإنه لا يتوب. ولكن التوبة منه ممكنة وواقعة، بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق، كما هدى من هدى من الكفار والمنافقين، وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه، فمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧)﴾ (مجموع الفتاوى: ١٠/ ٩). (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>