للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠)﴾ [الإسراء: ٩ - ١٠]، فهل سمعتم أن كتابًا من الكتب السماوية قرئ على الأموات أو أخذت عليه الأجور والصدقات، والله يقول لنبيه: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧)﴾ [ص: ٨٦ - ٨٧]، لهم أن يتصدقوا عن موتاهم، لكن لا ثمنًا للقرآن».
وقال الألباني في «أحكام الجنائز» ٢٠٠: «حديث ابن عباس في وضع النبي شقي جريدة النخل على القبرين وقوله: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» متفق عليه؛ خاصٌّ به بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف ولأمور أخرى يأتي بيانها. قال الخطابي رحمه الله تعالى في «معالم السنن» تعليقًا على الحديث: «إنه من التبرك بأثر النبي ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تغرس الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه». قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على «الترمذي» عقب هذا: «وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارًا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلو فيه، خصوصًا في بلاد مصر، تقليدًا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من يسمونه (الجندي المجهول) ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها تقليدًا للإفرنج، واتباعًا لسنن من قبلهم، ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافًا خيرية موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور، وكل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، ولا سند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن ينكروها، وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا». قلت: ويؤيد كون وضع الجريد على القبر خاصٌّ به، وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها أمور: (أ) حديث جابر الطويل في «صحيح مسلم» وفيه قال : «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين». فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته ودعائه، لا بسبب النداوة، وسواء كانت قصة جابر هذه هي عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجحه العيني وغيره، أو غيرها كما رجحه الحافظ في «الفتح»، أما على الاحتمال الأول فظاهر، وأما على الاحتمال الآخر، فلأن النظر =

<<  <  ج: ص:  >  >>