(٢) في (خ): بكلام. (٣) قال السيوطي في «شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور» ٣٠٥: قال القرطبي استدل بعض علمائنا على نفع الميت بالقراءة عند القبر بحديث العسيب الذي شقه النبي ﷺ اثنتين وغرسه، وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا»، قال الخطابي: هذا عند أهل العلم محمول على أن الأشياء ما دامت على خلقتها أو خضرتها وطراوتها فإنها تسبح حتى تجف رطوبتها أو تحول خضرتها أو تقطع عن أصلها. وقال غير الخطابي: فإذا خفف عنهما بتسبيح الجريد فكيف بقراءة المؤمن القرآن؟! وقال ابن دقيق العيد في «إحكام الأحكام» ١/ ١٠٦: «أخذ بعض العلماء من هذا: أن الميت ينتفع بقراءة القرآن على قبره، من حيث إن المعنى الذي ذكرناه في التخفيف عن صاحبي القبرين هو تسبيح النبات ما دام رطبًا فقراءة القرآن من الإنسان أولى بذلك، والله أعلم بالصواب». قلت: هذا قياس بعيد، فليس بين وضع الجريد على القبر وقراءة القرآن عنده علة جامعة معقولة، وقراءة القرآن عبادة، ولا شكَّ أن القرآن أعظم بركة وأشدُّ تأثيرًا وأثرًا، فلو كانت القراءة عند القبر جائزة لفعلها الرسول ﷺ لأنه يأخذ بالأحسن والأكمل، وقد علَّمنا ﷺ أن نسلِّم على أهل القبور وندعو لهم، فلو كانت القراءة مشروعة لكان أرشدنا إليها، فدل هذا على أن وضع الجريد من خصائصه ﷺ كما سيأتي. قال الشيخ علي محفوظ في «الإبداع في مضار الابتداع»: «ومن هذا الأصل العظيم تعلم أن أكثر أفعال الناس اليوم من البدع المذمومة كقراءة القرآن الكريم على القبور رحمةً بالميت، تركه النبي ﷺ، وتركه الصحابة مع قيام المقتضى للفعل وهو الشفقة بالميت، وعدم المانع منه، فعلى هذا الأصل المذكور يكون تركه هو السنة وفعله بدعة مذمومة. وكيف يعقل أن يترك الرسول ﷺ شيئًا نافعًا يعود على أمته بالرحمة وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، فهل يعقل أن يكون هذا بابًا من أبواب الرحمة ويتركه الرسول طول حياته، ولا يقرأ على ميت مرة واحدة، مع العلم بأن القرآن الحكيم ما نزل للأموات، وإنما نزل للأحياء، نزل ليكون ترغيبًا للمطيع وترهيبًا للعاصي، نزل لتهذيب نفوسنا وإصلاح شؤوننا، أنزل الله ﷿ القرآن كغيره من الكتب السماوية ليعمل على طريقه العاملون ويهتدي بهديه المهتدون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ =