للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» (١)، لا يدل انقطاع عمله أنه ينقطع عمل غيره عنه، ولهذا أجمع العلماء على وصول (٢) الحج والصدقة إليه، وقضاء الدين عنه، قال : «الآن بردت جلدته» (٣).

ثم إن حقيقة الثواب لا فرق بين أن يكون ثواب حجٍّ، أو صدقة، أو وقف، أو صلاة، أو استغفار، أو قراءة القرآن (٤)، أو قضاء دين، فقدرة الله تعالى صالحة للرجل من غير فرق لمن أنصف، وتطابق الأحاديث التي رويت تدل دلالة ظاهرة على ذلك، والذي جاء في «الصحيحين» أن النبي مرَّ بقبرين وشقَّ عسيبًا رطبًا، وجعل على هذا نصفًا، ووضع على القبر الآخر نصفًا، وقال: «إنَّه يهوِّن عليهما ما دام فيهما من بلولتهما شيء» (٥).

قال العلماء: إن الأشياء ما دامت على أصل خلقتها أو خضرتها وطراوتها تسبح الله تعالى حتى تجف رطوبتها وتزول خضرتها.


(١) سبق تخريجه.
(٢) في (ق): انقطاع.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٣٣٠ (١٤٥٣٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٦/ ٧٤ من حديث جابر .
قال الألباني في «إرواء الغليل» ٥/ ٢٤٨: إسناده حسن.
(٤) في (ق): قرآن.
(٥) أخرجه أحمد في «المسند» (٢٠٤١١)، وابن ماجه في «السنن» (٣٤٩) من حديث أبي بكرة، قال: كنت أمشي مع النبي فمرَّ على قبرين، فقال: «من يأتيني بجريدة نخل؟» قال: فاستبقت أنا ورجل آخر، فجئنا بعسيب، فشقه باثنين، فجعل على هذا واحدة، وعلى هذا واحدة، ثم قال: «أما إنه سيخفف عنهما ما كان فيهما من بُلُولَتِهِمَا شيءٌ»، ثم قال: «إنهما ليعذبان في الغيبة والبول».
وأخرج البخاري في «صحيحه» (٢١٨)، ومسلم في «صحيحه» (٢٩٢) من حديث ابن عباس ، قال: مرَّ النبيُّ بقبرين فقال: «إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير: أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشى بالنَّميمة»، ثمَّ أخذ جريدةً رطبةً، فشقَّها نصفين، فغرز في كلِّ قبرٍ واحدةً، قالوا: يا رسول اللَّه، لم فعلت هذا؟ قال: «لعلَّه يخفَّف عنهما ما لم ييبسا».

<<  <  ج: ص:  >  >>