للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النجم: ٣٩] عن طريق العدل، وأما من طريق الفضل فجائز أن يزيده الله تعالى ما شاء، قال الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥]. وهذا تفضلًا من عند الله، وطريق العدل أن ليس للإنسان إلا ما سعى؛ إلا أن الله سبحانه يتفضل على عبده بما لا يستحقه: كتب له بالحسنة الواحدة عشرة إلى سبع مئة ضعف، إلى ألف ألف حسنة، كما قيل لأبي هريرة: أسمعت رسول الله يقول: إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة؟ قال: سمعته يقول: «إن الله ليجزي على الحسنة ألفي ألف حسنة» (١)، وهذا من فضل الله تعالى، وقد تفضل الحق سبحانه على الأطفال والمجانين بإدخالهما الجنة بغير عمل.

والقول الآخر: ليس له إلا سعيه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة سعيه في تحصيل ولد أو صديق يستغفر له، وتارةً يسعى في خدمة أهل الدين والعبادة، فيكسب محبة أهل الدين، فيكون ذلك سببًا حصل له بسعيه. حكى هذين القولين أبو الفرج ابن الجوزي (٢).


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٢٩٦ (٧٩٤٥) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٥٨٤٨). وقال الألباني في «السلسة الضعيفة» (٣٩٧٥): ضعيف.
(٢) نقله المصنف باختصار وتصرف وزيادة، ونصه في «زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي : «واختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال: أحدها: أنها منسوخة بقوله: ﴿وأتبعتهم ذريتهم بإيمان﴾ فأُدخل الأبناء الجَنَّة بصلاح الآباء، قاله ابن عباس، ولا يصحُّ، لأن لفظ الآيتين لفظ خبر، والأخبار لا تُنسَخ. والثاني: أن ذلك كان لقوم إبراهيم وموسى، وأما هذه الأمَّة فلهم ما سَعَوا وما سعَى غيرُهم، قاله عكرمة. واستدلَّ بقول النبيِّ للمرأة التي سألته: إنَّ أبي مات ولم يحُجَّ؟ فقال: «حُجِّي عنه». والثالث: أن المراد بالإنسان هاهنا: الكافر، فأمَّا المؤمن فله ما سعى وما سُعي له، قاله الربيع بن أنس. والرابع: أنه ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل، فأما مِنْ باب الفضل، فجائز أن يزيده الله ﷿ ما يشاء، قاله الحسين بن الفضل. والخامس: أن معنى «ما سعى»: ما نوى، قاله أبو بكر الورَّاق. والسادس: ليس للكافر من الخير إلا ما عمله في الدُّنيا، فيُثاب عليه فيها حتى لا يبقى له في الآخرة خيرٌ، ذكره الثعلبي. والسابع: أن اللام بمعنى «على» فتقديره: ليس على الإنسان إلا ما سعى. والثامن: أنه ليس له إلا سعيُه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة يكون سعيه في تحصيل قرابة وولد يترحم عليه وصديق، وتارة يسعى في خِدمة الدِّين والعبادة، فيكتسب محبة أهل الدِّين، فيكون ذلك سببًا حصل بسعيه، حكى القولين شيخنا علي بن عبيد الله الزاغوني».

<<  <  ج: ص:  >  >>