للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغفار ولدك لك (١).

وقال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] يفهم من هذا أن استغفارهم مفيد للمؤمنين.

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا﴾ الآية [الحشر: ١٠] دلَّ أن هذا الدعاء ينفعهم.

وأما قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]. فقد اختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال:

أحدها: أنها منسوخة. قاله ابن عباس، منسوخة بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور: ٢١]. أدخل الأبناءُ الجنةَ بصلاح الآباء.

وقال بعض العلماء: المراد بالإنسان هاهنا الكافر، أما المؤمن فله ما سعى وما سُعي له. قاله الربيع.

وقال الحسن بن الفضيل (٢): ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾


(١) لعل مراد المصنِّف بالحافظ هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (ت: ٤١٨ هـ)، فقد روى هذا في كتابه: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (٢١٧١) هكذا موقوفًا عن ذكوان، عن أبي هريرة، قال: يموت الرجل، ويدع ولدًا فترفع له درجة، قال: فيقول: يا رب ما هذا؟ قال: فيقول: استغفار ولدك لك.
وأخرجه محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغويُّ الشافعي (ت: ٥١٦ هـ) في «شرح السنة» (١٣٩٦) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله ، قال: «إن الله ليرفع العبد الدرجة، فيقول: ربِّ أنَّى لي هذه الدرجة؟ يقول: بدعاء ولدك لك».
وهكذا أخرجه مرفوعًا: أحمد في «المسند» ٢/ ٣٦٣ (١٠٦١٠)، وابن ماجه في «السنن» (٣٦٦٠). وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٥٩٨).
(٢) كذا، وصوابه: الحسين بن الفضل، وهو: أبو علي المفسر البجلي الكوفي ثم النيسابوري (ت: ٢٨٢ هـ)، إمام عصره في معاني القرآن، كان محدثًا لغويًا عالمًا جليل القدر، .

<<  <  ج: ص:  >  >>