للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالك بن دينار (١): أتيت القبور وقلت فيها بيتين، وهي:

أتيت القبور فناديتها … أين المعظم والمحتقر

وأين المذل بسلطانه … وأين العزيز إذا ما افتخر

قال: فنوديت من بينهم أسمع صوتًا ولا أرى شخصًا يقول:

تفانوا جميعًا ولا مخبر … وماتوا جميعًا وهذا الخبر

فصاروا إلى ملكٍ قاهرٍ … عزيزٍ مطاعٍ إذا ما أمر

تروح وتغدو بنات الثرى … فتمحو محاسن تلك الصور

فيا سائلي عن أناسٍ مضوا … أما لك فيما مضى (٢) معتبر

وهذه الأشياء هي من كرامات الأولياء؛ لأن الله تعالى إذا أحب عبدًا كان له سمعًا وبصرًا، ويدًا ومؤيدًا، كما جاء في الحديث الصحيح (٣).


= في السُّدة، واشتغالهم بالإنشاد لقصائد معروفة لهم. ويا حبذا لو أمكن إبطال هذه الضجات والصيحات، بل إبطال هذه المجامع للتعزية المسماة بالصباحيات، لأنها من البدع والمنكرات.
قلتُ: وما ذكره المؤلف غفر الله له من جواز فعلها جبرًا لخاطر أهل الميت، وأنه يؤجر على ذلك؛ بعيد عن الصواب فكل بدعة ضلالة، والضلالة لا أجر فيها، بل عليها وعيد أكيد، وتأمل رحمك الله! ما ذكره القاسمي من مفاسد هذه البدعة، وتلاعب الناس في تغييرها على أوجه، فكل ذلك من شرور سكوت أهل العلم، وإقرارهم لمثل هذه البدع مداراة للغوغاء والعامة. (ت)
(١) أورده الغزالي في «إحياء علوم الدين» ٤/ ٤٨٧.
(٢) في (خ): ترى.
(٣) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٦٥٠٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٤٧) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللهِ : «إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنَّوافل حتَّى أحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الَّذي يسمع به، وبصره الَّذي يبصر به، ويده الَّتي يبطش بها، ورجله الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته».

<<  <  ج: ص:  >  >>