للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصبحة ليست بسنة، فمن لم يقل بأنها سنةٌ وفعلها جبرًا للمؤمنين؛ يُجبر إن شاء الله رب العالمين (١).


(١) الصُّبْحة بالضمِّ ويفتح وهي أول النهار: هي تبكيرهم إلى قبر ميتهم الذي دفنوه بالأمس هم وأقاربهم ومعارفهم. كما قال الألباني في «أحكام الجنائز» ٢٥٧ وعدَّه من البدع، وعزاه لابن الحاج في «المدخل» ونصَّ ابن الحاج على بدعية الصبحة. وقال جمال الدين القاسمي في «إصلاح المساجد من البدع والعوائد»: كانت العادة في دمشق أن يعزِّي أهل الميت في مسجد محلته الكبير ثلاثة أيام صباحًا يتوافد عليه من يعزيهم من بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع، ولذلك يسمى الاجتماع المذكور: «صباحية». وكان يحصل من ذلك حجب الناس عن صلاة الصبح، وهم الذين يأتون إلى المسجد لأدائها بعد جماعتها الأولى، فإذا دخل أحد يخجل ويدهش لهذا الجمع، فإما أن يصلي في زاوية المسجد على استحياء، وإما أن يرجع إلى إيوانه، وقد يكون الوقت شاتيًا والبرد قارسًا. عادة استمرت قرونًا لا تحصى إلى أن ارتأى من نحو عشر سنين أحد الأكابر الاجتماع بعد العشاء، ففعل في أحد المساجد، وقلده سائر الناس في الشام، فالآن لا يجتمع للتعزية إلا بعد العشاء ثلاث ليال، فارتفع بها ضرر حجب المصلين، إلا أنه بقي من المحظورات في هذا الاجتماع شيء، وهو أنه جرت العادة أن يؤتى بقارئ أو قراء يقرؤون أعشارًا، كل واحد بعد الآخر، وفي الخلال يقوم خادم المسجد فيفرق أجزاء القرآن على الحاضرين فيقرأ كثير منهم، وكان نهاهم أحد الشيوخ عن الجمع بين الشيئين، وقال لهم: إما أن تفرقوا الأجزاء وتأمروا القارئ يقرأ سرًّا أو تأذنوا للقارئ فيقرأ جهرًا ولا تفرقوا الأجزاء. وذلك لما يحصل في التشويش على القارئين برفع صوت القارئ. إلا أن هذه العادة أيضًا تركت في كثير من الجوامع الشهيرة، وذلك بإحضار قارئ يقرأ حزبً طويلًا أو سورة من المفصل والناس يستمعون، إلا من لا فقه له ممن يتكلم، والقارئ يقرأ، نعوذ بالله، وفي بعض الجوامع العادة الأولى موجودة فينبغي التنبه لإصلاحها. وكان كثير من الحفظة بعد ختمهم أعشارهم يهللون وينشدون، ويحصل في المسجد ضجة كبرى، فاقتصر الآن على قراءة عشر يختم بعده قارؤه بالدعاء، وفيها تخفيف من بدعة الضجة الشنيعة. نعم لم تزل الضجة بعد العشر في الجامعين الكبيرين بدمشق بسبب اجتماع المؤذنين =

<<  <  ج: ص:  >  >>