للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «صحيح مسلم»: «إن النائحةَ تُكسى يوم القيامة سربالًا من قَطَران ودرعًا من جرب» (١).

والنوح هو من دعوى الجاهلية، وقد تبرأ من فاعله خير البرية، فقال : «ليس منَّا من لطم الخدود، وشقَّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (٢). وفي حديث آخر: «ليس منَّا من حلق ومن صلق» (٣). ومن البدع ما يفعل بين يدي الميت من قراءة وذكر، وحمل خبز وخرفان، الكل لا يرضي الواحد الديَّان.

وكذلك ما يفعل خلفها من تغيير الزي: كسواد الوجه، ولطم الخد، وقطع الثياب (٤)، وكشف الرأس، والمشي حفاة، وحل الضفائر، كل ذلك بدعٌ لا ترضي السيد الغافر؛ لأنهم تشبهوا بقوم قد سخطوا بقضاء الله تعالى، وترك التسليم لأمره. وفي الحديث: «إنَّ من رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» (٥).


(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٩٣٤) من حديث أبي مالك الأشعري . ولفظه: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطرانٍ، ودرع من جرب».
قال المناويُّ: أي يصير جلدها أجرب، حتى يكون جلدها كقميص على أعضائها، والدرع قميص النساء، والقطران دهن يدهن به الجمل الأجرب، فيحترق لحدته وحرارته، فيشتمل على لذع القطران وحرقته، وإسراع النار في الجلد، واللون الوحش، ونتن الريح، جزاءً وفاقًا، فخصت بذلك الدرع لأنها كانت تجرح بكلماتها المؤنقة قلب المصاب، وبلون القطران لكونها كانت تلبس السواد في المآتم.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٤/ ٣٩٦ (١٩٥٣٥)، ومسلم في «صحيحه» (١٠٤)، وأبو داود في «سننه» (٣١٣٠)، وابن ماجه في «سننه» (١٥٨٦)، والنسائي في «المجتبى» ٤/ ٢١ (١٨٦٥) من حديث أبي موسى، وفيه قصة.
(٤) في (خ): الشعر.
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>