للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تجرؤوا على الحق سبحانه) (١) بأقوالهم وأفعالهم: كسَبِّ الموت، ولعن الساعة واليوم، وكسر الأواني، ورشِّ التِّبن، وما يشبه ذلك من أنواع الخزي. وأما المؤمن الصالح فقد رضي عن الله في كل شيء، والله تعالى راضٍ عنه، قال الله تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: ٨]، وقال : «من رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» (٢).

لمَّا مات علي بن الفضيل تبسَّم أبوه فقيل له: ما رأيناك ضاحكًا قط، فكيف الآن؟! قال: إن الله سبحانه أحب شيئًا فأحببته (٣).

متى يلحق البطَّال بهؤلاء الأبطال؟ لا في الشدة صابرًا، ولا في النعمة شاكرًا، ولا في الطاعة مخلصًا حاضرًا، ولا في المعصية تائبًا نادمًا معتذرًا؛ كالعبد المدبر أينما يوجهه سيده لا يأت بخير، فيجب على المسلم الرضى بالقضاء.

قال ابن عباس : أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ: إنني أنا الله، لا إله إلا أنا، محمد رسولي، من استسلم لقضائي، وشكر لنعمائي، وصبر على بلائي؛ كتبته في اللوح المحفوظ صديقًا، وبعثته يوم القيامة مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي، ويشكر لنعمائي، ويصبر على بلائي، فليخرج من بين أرضي وسمائي، وليتخذ إلهًا سواي (٤).

فمن فاته درجة الرضى عن الله تعالى فعليه بالصبر، قال ربُّ الأرباب:


(١) هنا انتهى السقط من (ق).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سلف ذكره، وقد نبَّهنا هناك إلى أنَّ هذا مخالف لحال النبيِّ وهديه في بكائه على ابنه إبراهيم كما سيذكره المؤلف قريبًا.
(٤) ذكره المناوي في «الأحاديث القدسية» (٩٦) وعزاه إلى الديلمي في «مسند الفردوس» من حديث ابن عباس .
وقال الكناني في «تنزيه الشريعة المرفوعة» ١/ ٢٤٢: إسناده ظلمات.
وقال الألباني في «الضعيفة» (٥٤٢٩): موضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>