للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت امرأة العزيز: إن الحرص والشهوة صَّيرا الملوك عبيدًا، وإن الصبر والتقى صيَّرا العبيد ملوكًا (١).

والعبد المذموم هو المشغول بهذه الهموم عن خدمة الحي القيوم، قال الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩].

والمؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته، همُّه الطاعة لا تقرُّ عينه إلا بها، وقرة عين المنافق في الزينة؛ فترى هذا العبد المتعوس، المخالف للملك القدوس، العالم بما في النفوس، يتحلى بلبس الذهب والحرير، ويتزين كما تتزين العروس، وقرة عين الحمار في العلف، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ [محمد: ١٢].

وإياك أيها المؤمن! أن تترك طريق نبيك ، وتتشبه بالمنافقين، أو تتصف (٢) بصفات الكفار والأنعام، وتنسى ما مَنَّ عليك به من الخيرات والإنعام، فتخالف الملك العلام على ممر الشهور والأعوام، فإذًا يخاف عليك عند الموت من تغير الأحوال؛ لإعراضك عن الرب الباقي، ولإقبالك على هذه الطلول الفانية والأعلام.

ثم اعلم بأن النبي وصف المؤمن ووصف الكافر؛ فقال: «حسب المؤمن لقيمات يقمن صلبه» (٣). وقال: «المؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر يأكل في سبعة معاء» (٤).


(١) أخرجه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول في أحاديث الرسول» ٢/ ١٨١، ٣/ ٢٥، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١١٧٢٤)، وذكره الغزالي في «إحياء علوم الدين» ٣/ ٦٦. وهو من الإسرائيليات.
(٢) في (ب): فتتصف.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢٥٠٣٦)، وأحمد في «مسنده» ٢/ ٤١٣ (٨٨٧٩)، والدارمي في «سننه» (٢٠٤٣)، والبخاري في «صحيحه» (٥٣٩٧)، ومسلم في «صحيحه» (٢٠٦٢)، وابن ماجه في «سننه» (٣٢٥٦)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٠٦٩) من حديث أبي هريرة .
وللحوادث شواهد عن جابر، وابن عمر، وأبي سعيد، وأبي بصرة الغفاري، وأبي موسى، وجهجاه الغفاري، وميمونة، وعبد الله بن عمرو .

<<  <  ج: ص:  >  >>