للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النثر على ولاة الأمر كالقضاة والولاة لا يجوز للإنسان أن ينتهب منه؛ لأنه بمنزلة الرشوة، وهدية الأمراء مكروهة إلا للمضطرين، ولأهل السجون، وكذلك من ذبح شيئًا لأجل الأمراء والوزراء يكره أن يأخذ الإنسان من ذلك اللحم شيئًا (١).

ولا ينتهب من نهبة العساكر، ومن كان أكثر ماله من حلال يجوز قبول هديته، وإن كان أكثره حرامًا فلا يجوز، ومن أتاه شيء بغير سؤال وردَّه فكأنما ردَّه على الله، بهذه المسائل أخبرنا علماؤنا أجمعين.

وأول بدعة أحدثت في الملة الإسلامية الأكل الزائد، والمناخل، وغسل البر وهو يذهب ببركته (٢) وأكل الدسومات، والمرق السمين يورث ما تقدم ذكره من القسوة والمقت، وانتشار الشهوة، ونسيان الآخرة، ولا يترك بالكلية لكي لا يضعف البدن عن القيام لخدمة خالق البرية.

قال السيد الجليل، صاحب المواهب والكرامات: سهل بن عبد الله التستري: لما خلق الله تعالى الدنيا جعل في الشبع الجهل والمعصية، وجعل في الجوع العلم والحكمة (٣).

وكان عبد الله بن عمر يقول: ليت أن الله جعل رزقي في مصِّ حصاة، فقد استحييت من الله من كثرة اختلافي إلى الحُشِّ (٤). والحش هو المرحاض.


(١) هذا فيه تفصيل، فإن كان الذبحُ لضيافة من يحضر من الأمراء والوزراء لإطعامهم وإطعام الناس فهذا لا بأس به، وهو عمل مشروع فيجوز الأكل منه، أما إن كان نحرها عند لقاء الملوك أو عند لقاء المعظَّمين، تعظيمًا لهم؛ فهذا شركٌ، لأنه ذبح لغير الله، فيدخل في عموم قوله تعالى: (وما أهل به لغير الله) [البقرة: ١٧٣]، فمثل هذا يحرمُ الأكل منه. انظر: «مجموع فتاوى ابن باز» ١/ ٥٣ و ٤٤٢ و ٩/ ٣٩٣.
(٢) هذه دعوى لا برهان عليها. (ت)
(٣) ذكره العبدري في «المدخل» ٣/ ١١٣.
(٤) لم نجده عن ابن عمر ، وذكره ابن قدامة في كتاب «التوابين» ص ٢٠ عن سعيد بن المسيب . وأخرجه أحمد في «الزهد» ١/ ٣٢٢، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٢/ ٣٧٠، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥٦٩٦)، وابن عساكر في «تاريخه» ٥٦/ ٤٠٧ عن مالك بن دينار بلفظ: وددت أن رزقي في حصاةٍ أمصُّها حتى أموت، ولقد اختلفتُ إلى الخلاء حتى استحييت من ربِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>