للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما غربت الشمس طلبها، فقال الغلام: أكلتها. فأعتقه، وقال: سمعت النبي يقول: «من رفع كسرةً من الأرض وأكلها غُفر له»؛ وأنا لا أستخدم من غُفر له (١).

فقد علمت أن) (٢) الشِّبع المفرط مضرة في الدنيا والدين، ويعد فاعله من المسرفين.


(١) ليس هذا من حديث عبد الله بن عمر ، وإنما رُوي من حديث الحسن بن عليٍّ ، وهو حديث مكذوب، أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٦٧٥٠) قال: حدثنا عيسى بن سالم، قال: حدثنا وهب بن عبد الرحمن القرشي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن علي: أنه دخل المتوضَّأ، فأصاب لقمةً أو قال: كسرة في مجرى الغائط والبول، فأخذها، فأماط عنها الأذى، فغسلها غسلًا نعِمًّا، ثم دفعها إلى غلامه، فقال: يا غلامُ! ذكرني بها إذا توضأتُ. فلما توضأ قال للغلام: يا غلام ناولني اللقمة أو قال الكسرة فقال: يا مولاي أكلتها! قال: فاذهب فأنت حر لوجه الله. قال: فقال له الغلام: يا مولاي لأي شيء أعتقتني؟ قال: لأني سمعت من فاطمة بنت رسول الله تذكر عن أبيها رسول الله : «من أخذ لقمةً أو كسرةً من مجرى الغائط والبول، فأخذها، فأماط عنها الأذى، وغسلها غسلًا نعمًّا، ثم أكلها، لم تستقرَّ في بطنه حتَّى يُغفر له» فما كنتُ لأستخدم رجلًا من أهل الجنة!
وأخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» (١٤١٨ ط: أضواء السلف) من طريق أبي يعلى، وقال: هذا حديث موضوع، والمتهم بوضعه: وهب بن عبد الرحمن، وهو وهب بن وهب القاضي، وإنما دلسه عيسى بن سالم، وقد دلسه مرة أخرى فقال: وهب بن عبد الرحمن المديني، وقد دلسه محمد بن أبي السري العسقلاني فقال: وهب بن زمعة القرشي، وهو وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود. وهذا كله جهل من الرواة بما في ضمن ذلك من الجناية على الإسلام، لأنه قد يبني على الحديث حكم فيعمل به، لحسن ظنِّ الراوي بالمجهول، ثم انظر إلى جهل من وضع هذا الحديث: فإن اللقمة إذا وقعت في مجرى البول وتداخلتها النجاسة فرَبَت لم يتصور غسلها، وقد سُئل أحمد بن حنبل عن سمسم وقع في النجاسة هل يغسل؟ فقال: كيف يتصور غسله؟ وكأن الذي وضع هذا قصد أذى المسلمين والتلاعب بهم. وقال ابن حجر في «المطالب العالية» (٢٤٢٦): وهب هذا هو أبو البختري القاضي المعروف بالكذب ووضع الحديث، وهذا الحديث مما افتراه، وقد ذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» وكشف أمر هذا الحديث فأجاد.
(٢) ليست في (ق، ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>