للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما وصل إلى الله تعالى العمال إلا بأفضل الأعمال وهو الصدق والزهد، وحمل المؤنة عن الناس، واتباع السنة، والرضى عن الله تعالى في كل حال، فنرى بعض الناس يقدمون على رجل ضعيف الحال، فيقدم لهم ما حصل وقدر عليه من الطعام، فلا يرضون به، ويغلظون عليه الكلام، ليأتي لهم بأطيب من ذلك الطعام، فيسخطون بذلك الملك العلام، ويخرجون عن طريق النبي عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فهؤلاء المبعودون قد اتصفوا بصفات الصالحين، ولم يبلغوا إلى منازل العوام؛ فالله بريء منهم، والنبي وجميع الإسلام. قال صلوات الله عليه وسلامه: «أنا وأمَّتي بُرآءُ من التَّكلُّف» (١).

فاتصف هؤلاء القوم بزي الفقراء، وما نالوا منهم (٢) وطرًا، والحق سبحانه ما ينظر للحسن البديع، ولا للثوب الرفيع، ولا لمرقعة مبتدع ورقيع. كما قال في الحديث: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى لباسكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (٣).

فإذا وجد القلب خاليًا من البدع والأكدار ملئ من الخير والحكمة والأنوار. كان بعض الصالحين يقول عند النَّزع: «اللَّهم إنك تعلم ما كنت


(١) ذكره الغزالي في «الإحياء» ٢/ ١٨٩، وأخرجه ابن عساكر في «تاريخه» ٣٥/ ٢٧٨، والديلمي في «مسند الفردوس» ١/ ٧٦ من حديث الزبير بن العوام .
قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» ١/ ١٧١: قال النووي: ليس بثابت. وقد أخرجه الدارقطني في «الأفراد» من حديث الزبير بن العوام مرفوعًا، وسنده ضعيف.
(٢) في (ق): منه.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٤٨٤ (٧٨٢٧)، ومسلم في «صحيحه» (٢٥٦٤)، وابن ماجه في «سننه» (٤١٤٣) من حديث أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>