للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم نجده يقول في مقدمته الثانية: «بدأت فيه وأنا نزيل مكة … وكنت وقت أن بدأت فيه ضعيفًا من جميع الجهات: من جهة البدن، ومن جهة العلم والعمل، والعربية، وبُعد الذهن، وقلة الكتب في هذا الفن، وما يرادفها من الأحاديث النبوية. وقد قلت بعض الأحاديث والحكايات بالمعنى، وقد جوَّز ذلك بعض العلماء، وفيه تيسير لمن قد حلَّ بقلبه الغفلة والعمى .. ».

ومن هنا فلا عجب أن نجد في الكتاب خللاً في لغته الأدبية، وضعفًا في مادته العلمية، وأحاديث وأخبارًا لا تصحُّ، ومصطلحات صوفية منبوذة؛ فتلك هي منتهى علم ابن بَيْدَكِينَ، وهو محكوم فيه بالنشأة والبيئة والثقافة العامة لمجتمعه الذي غلب عليه أسلوب القصص والأخبار والترهيب والترغيب من غير تثبُّتٍ ولا تمحيصٍ، وحسب التركمانيِّ أنه بذل جهده ناصحًا مخلصًا، فبيَّن كثيرًا من البدع، وحذَّر من كثير من المعاصي والمنكرات، ورصد جانبًا كبيرًا من أحوال مجتمعه، ليسجلها بدقَّة وأمانة، أما ما كان في كتابه من جوانب النقص؛ فقد حرصنا على تقويمها من خلال تخريج الأحاديث وبيان مراتبها من الصحة والضعف، والتعليق على كثير من المسائل، فجاء الكتاب في صورة حسنةٍ؛ إن شاء الله تعالى، وبقيت أشياءُ للمستدرك والمتعقِّب، والتوفيق من الله تعالى وحده.

* * *

إنَّ هذا العمل العلميَّ ثمرةُ تعاون نبيلٍ في خدمة التراث الإسلامي، فقد كنتُ أحرص منذ سنوات على إخراج هذا الكتاب ويحول انشغالي بمشروع تحقيق تراث ابن حزم دون ذلك، فرأيتُ أن أُسند العملَ في تحقيقه إلى الإخوة الأفاضل في دار الكوثر للتراث بمصر المحروسة، فأنجزوا ما يلزم من مقابلة المخطوطات، وضبط النصِّ، وتخريج الأحاديث، ثم أجريتُ مراجعة دقيقة لعملهم فصحَّحتُ واستدركت وقوَّمتُ، وأضفتُ جملةً من التعليقات ختمتها بحرف (ت)، وكتبتُ مقدِّمةً في ترجمة المؤلف والتعريف بكتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>