للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشره إليَّ صاعد. إن لم يخف عقوبتي أما يستحيي من إلاهيتي؟ فلما أخبره سليمان بذلك خرج من عنده ذليلًا خائفًا، فأتى إلى مزابل المدينة، فترجل عن جواده وصار يحثو التراب على رأسه، ثم يبكي ويقول: إلهي، أنت أنت، وأنا أنا، وكلٌّ يعمل على شاكلته، يا رب قد تبت إليك فخذ بيدي، فليس لي من ينقذني مما أنا فيه غيرك، وإن لم تأخذ بيدي لأعودن ولأعودن. فلما فعل ذلك تاب الله عليه، وقربه إليه، وعلمه الاسم الأعظم (١).

روي عن ابن عباس ؛ أنه هو الذي دعا إلى الله تعالى باسمه الأعظم، فجاء بعرش بلقيس إلى بين يدي سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه (٢).

قال ابن عباس: خرج عرش بلقيس من تحت كرسي سليمان من ساعته؛ كرامةً له ومعجزةً لنبيه ، قال: وكان العرش ثلاثين ذراعًا في ثلاثين، وطوله في الهواء ثلاثون، فتعجب سليمان وقال: رب، وعدتني بملك لا ينبغي لأحد من بعدي، وهذا وزيري عمل شيئًا لا أقدر عليه. فأوحى الله تعالى إليه: أليس هو في خدمتك؟!

فانظر رحمك الله، إلى بركة التوبة، فما توقفت الأشياء علينا إلا لتوقفنا نحن. كان حبيب العجمي يقول: نعم الربُّ ربُّنا، لو أطعناه ما عصانا (٣).


(١) هذا من الإسرائيليات وقد ذكره إسماعيل حقي في «روح البيان» ٢/ ٨٨، والمناوي في «فيض القدير» ٢/ ٢٥٩.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» ١٩/ ٤٦٨، وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» ٧/ ٢١٠ - ٢١١، وابن كثير في «تفسيره» ٦/ ١٩٢، والرازي في «تفسيره» ١/ ٣٤٦٤، والالوسي في «روح المعاني» ١٩/ ٢٠٣ عن ابن عباس.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٩٠٨٠)، وأبو نعيم في «الحلية» ٤/ ١٠٥، والبيهقي في «الزهد» (٧٢٠)، وابن عساكر في «تاريخه» ٢٣/ ١٧٨ عن سليمان الأعمش ، قال: قال لي أبو وائل وهو شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، من كبار التابعين، ومن العلماء العاملين: يا سليمان، نعم الرب ربنا لو أطعناه ما عصانا.
ولم أجده من قول حبيب بن محمد العجمي، وهو أبو محمد البصري، أحد الزهاد المشهورين من أتباع التابعين، كان ثقةً عابدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>