للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيطان لعنه الله ما مراده بوسوسته لابن آدم: هذا ذنب صغير نصحًا له، بل ليهوِّنه عليه؛ لكي يعمي الله قلب فاعله، ويُسقط جاهه حين يوقفه بين يديه، والصغير بالمداومة يصير كبيرًا، وقد جاء في الخبر: أنَّ زنَى العين النظر (١).

فمن تعمد النظر إلى عورات المسلمين، أو إلى محاسن امرأة أجنبية، أو إلى غلام أجنبي، فهو عبد ممقوت؛ لمخالفته للحي الذي لا يموت، وأشد مقتًا وأكثر إثمًا النظر إلى أحد من المحارم بشهوة؛ وهو من فعل المجوس، ولا يفعله إلا كل عبد متعوس، ولا ينبغي للمؤمنين الأخيار أن يتصفوا بصفات الفجار وأهل النار.

قال الفضيل: خمس من علامات الشقاء: قسوة (٢) القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل (٣).

وقال ابن عثمان: من تكلم في الحياء، ولم يستحي من الله تعالى فهو عبد مستدرَجٌ (٤).

قال علماء التفسير: إن آصف بن يرخيا كان وزيرًا لسليمان ، وكان مسرفًا على نفسه في حضرة النبوة حتى تعلم أن أحدًا لا ينقذ أحدًا، قال المولى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧]. فنزل جبريل على سليمان وقال له: ربك يسلم عليك، ويقول لك: قل لوزيرك آصف: إلى متى خيري عليه وارد،


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٢٧٦ (٧٧١٩)، والبخاري في «صحيحه» (٦٢٤٣)، ومسلم في «صحيحه» (٢٦٥٧)، وأبو داود في «سننه» (٢١٥٢)، وابن حبان (٤٤٢٠) من حديث أبي هريرة: عن النبي قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنَّى، ويصدق ذلك الفرجُ ويكذبه».
(٢) في (خ): القسوة في.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧٧٤٧)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤٨/ ٤١٦.
(٤) ذكره القشيري في «الرسالة القشيرية».

<<  <  ج: ص:  >  >>