لا تهمل الكافر واعمل بما … قد جاء في الكافر في مسلم فلما وقف عليهما، قال: شاعر ومكاشف، قد عزمت على ذلك! وكتب ابنُ البققي إلى المالكي من السجن: يا من يخادعني بأسهمٍ مكره … بسلاسل نعمت كلمس الأرقم أعددت لي زردًا تضايق نسجها … وعلى قلب عيونها بالأسهم يعني: أسهم الدعاء، فقال في جوابه: أرجو أن الله لا يمهلني حتى يفعل. ثم نهض من وقته إلى السلطان، فاستأذنه في قتله، فأشار بأن يتمسك في أمره، فقال المالكيُّ قد ثبت عندي كفره وزندقته، فحكمت بإراقة دمه، ووجب عليَّ ذلك. فلما رأى السلطان انزعاجه، قال: إن كان ولا بدَّ فليكن بمحضر الحكام. وأرسل إلى الوالي والحاجب وحضر القضاة الأربعة، فتكلم المالكي بما حكم به، فوافقه السَّروجيُّ الحنفيُّ، وقال: اقتلوه، ودمه في عنقي. فقُتلَ، والله أعلم بحاله. ويقال: إن ابن دقيق العيد وافق الجماعة، فقال ابن البققي: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) [غافر: ٢٨] فقال: (ءالئان وقد عصيت قبل) [يونس: ٩١]! ولقد جرى في أمره نحو ما جرى في زماننا للشيخ الميمونِيِّ مع القاضي الحنفي زين الدين التفهني، لكن جبن الحنفي عن قتله، بعد أن تمكن من ذلك، فآل الأمر إلى أن خلص من القتل، وأعيد إلى السجن، إلى أن حكم الحنبليُّ بعدَ ذلك بإطلاقه». قلتُ: أطال ابن حجر في ترجمة ابن البققي، وأخذ أكثرها من خليل بن أيبك الصفدي (ت: ٧٦٤) في «أعيان العصر وأعوان النصر» ١/ ٣٥٦ (١٨٢)، واختصر أشياء، فقد ترجم له أيضًا: المقريزي في «السلوك لمعرفة دول الملوك» (حوادث: ٧٠١)، وقال: «أكثر من الوقعية في حق زين الدين علي بن مخلوف قاضي قضاة المالكية وتنقصه وسبه، فلما بلغه ذلك عنه اشتد حنقه وقام في أمره، فتقرب الناس إليه بالشهادة على ابن البققي، فاستدعاه وأحضر الشهود فشهدوا وحكم بقتله، وأراد من ابن دقيق العيد تنفيذ ما حكم به فتوقف». والعيني في «عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان» (حوادث: ٧٠١)، وقال: «وفي نزهة الناظر: وكان هذا الرجل من أهل حماة، وله اشتغال، وحفظ كتبًا كثيرة، وكان ذكيًّا مفرطًا، وحفظ سائر كتب الفقه ودواوين الأشعار، وكان قليل الدين، سيء الاعتقاد، كثير الزندقة، وكان قد اشتغل بكتب المنطق والحكمة وهي التي أفسدت عليه نظامه، وكان له إدلال على القضاة، وجرأة لسان من غير أن يهاب منهم»، وقال: «وبلغ من أمره إلى أن شهدت عليه عنده جماعة كثيرة ممن حضروه: أنه كان عزم على جماعة في بيته وأطعمهم طعامًا، وأنه قام إلى رفٍّ عنده في البيت يتناول منه شيئًا فقصرت يده عنه، فوضع الكتاب