أهلُ المراتب في الدنيا ورفعتها … أهل الفضائل مرذولون بينهم فما لهم في توقي ضرنا نظرٌ … ولا لهم في ترقي قدرنا همم قد أنزلونا لأنا غير جنسهم … منازل الوحش في الإهمال عندهم فليتنا لو قدرنا أن نعرفهم … مقدارهم عندنا أو لو دَرَوْهُ هم لهم مريحان من جهل وفضل غنًى … وعندنا المتعبان: العلم والعدم فقال ابنُ البققي مناقضًا له: أين المراتب في الدنيا ورفعتها … من الذي حاز علمًا ليس عندهم لا شك أن لهم قدرًا رأوه وما … لمثلهم عندنا قدرٌ ولا همم هم الوحوش ونحن الإنس، حكمتنا … تقودهم حيث ما شئنا وهم نعم وليس شيء سوى الإهمال يقطعنا … عنهم لأنهم وجدانهم عدم لنا المريحان من علم ومن عدم … وفيهم المتعبان الجعل والحشم ومن جملة ما شُهد به على البققي أنه قال: لو كان لصاحب المقامات [وهو الحريريُّ] حظٌّ لكانت مقاماته تتلى في المحاريب! وأنه كان يفطر في نهار رمضان بغير عذر، وأنه كان يضع الربعة تحت رجليه ويصعد ليتناول حاجة له من الرفِّ. ويقال: إنه لما ضربت عنقه لم يمض السيف فيها فحزت، ورفعت رأسه على قناة، ونودي عليها. وحكَى ابن سيد الناس أن ابن البققي دخل على ابن دقيق العيد وهو عنده، فسأله عن مسألة، فلم يجب عنها، فولَّى وهو ينشد: وقف الهوى بي حيث أنتَ ......................................... الأبيات. فقال ابن دقيق العيد: عُقبَى هذا الرجل إلى التِّلاف. فلم يمض سوى إحدى وعشرين يومًا وقتل. ويقال: إنه كان يستخفُّ بالقاضي المالكي، ويسبُّه، ويطعن فيه، فكان ذاك يبلغه ولا يهيجه، إلى أن ظفر بالمحضر المكتتب عليه قبل ذلك بما تقدم ذكره وطلبه طلبًا عنيفًا، وادعى عليه عنده فأنكر، فقامت البينة، فأمر به فسجن، ليبدي الدافع في الشهود، وحكم المالكي بزندقته، وإراقة دمه، ونقل المحضرُ إلى ابن دقيق العيد فقال: لا أنفِّذ قتل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وألقي المحضر من يده، فبلغ ذلك واليَ القاهرة ناصر الدين ابن الشحي، وكان يميل إلى ابن البققي، فانتصر له، وسعى في نقله من المالكي إلى الشافعي، فأشير عليه بأن يكتب محضرًا بأنه مجنون، فكتب فيه جماعة، وأحضره لابن دقيق العيد، فلما نظر فيه قال: معاذ الله ما أعرفه إلا عاقلًا! فدسَّ من يبغض البققي إلى الشهاب الأعزازي أن ينظم فيه شيئًا، فنظم، وكتب بها إلى المالكي: =