للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٤ - ٨٥] فأخبر عنه بقوله تعالى: ﴿وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩].

ومن حلق لحيته وحواجبه وشواربه فقد غير خلق الله، وكذلك الواشمة وما يشبه ذلك، الكل خارجون عن السنة، داخلون في طريق كلِّ مبتدع وهالك، فإن احتج أحدهم بخروجه عن طريق النبي المختار والصحابة الأخيار والمؤمنين الأبرار باتباعه لشيخه فقد وافق الكفار، ومن وافقهم في الدنيا حشره الله تعالى معهم في النار.

وتشبه هؤلاء المعتدون بقومٍ تركوا طرق أنبيائهم وقالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣].

وهذه البدع مخالفة لطريق سيد المرسلين، والخلفاء الراشدين، ولأئمة المسلمين، ولم يرض بهذه البلية إلا هذه الطائفة الرَّدية المعروفة بالقرندلية؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

ونقول مسألة مناسبة: رجل غصب مملوكًا أمرد، فطلعت لحيته عنده، فرفعه صاحب المملوك إلى الشرع، وقال: هذا غصب مملوكي وهو أمرد، وكانت قيمته ألف درهم، والآن يساوي خمسمئة درهم لطلوع لحيته.

قال بعض العلماء: يأخذ مملوكه ويرجع على الغاصب بما نقص من ثمنه (١).

وقال أبو حنيفة ومن تابعه من العلماء: لا يرجع عليه بشيء؛ لأنه زاد قوة وزينة في الشرع، ونقص عند أهل الفسق، فلا يعتبر ذلك (٢).


(١) ذكره الرافعي في «الشرح الكبير» ١١/ ٣٥٧، والنووي في «روضة الطالبين» ٥/ ٦٦، وابن قدامة في «المغني» ٥/ ٣٩٠.
(٢) «بدائع الصنائع» ٧/ ١٥٦، ومناسبة ذكر هذه المسألة؛ أنه كان من سلوك القلندرية أنهم يختطفون الصغار ويجبرون الكبار على السير معهم، وقد ذكر طاش كبرى زادة في «الشقائق النعمانية» ص ١٢٨، في ترجمة ابن الأشرف أنه مال إلى طريق التصوف، والتحق بزمرة الصوفية، ثم رغب في السياحة، واقتدى به طائفة القلندرية، وأخذوه معهم جبرًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>