للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصراني، فتكلما في الطب، فلما خرجا من عند النبي قال لأصحابه: «لولا الغيبة لقلت لكم أيهما أطب من صاحبه» (١).

وهذا بعض ما يمزحون به من أنواع الخزي، ولا يفعله إلا كل عبد مطرود، وشؤم ذلك عليه يعود، لتشبهه بالكافر المبعود؛ لأني سمعت أن اليهود لعنهم الله ينتخبون مثل هذه الأشياء، ثم يمزحون بها فيستهزئون بالآيات والأخبار؛ لأنهم باءوا بغضبٍ من الجبار، وهم أيضًا وقود النار، فلا ينبغي للمؤمن أن يمزح بشيء يسخط ربه، ويخالف أوامره، فيضحك القوم ويبكي هو في الآخرة.

يا من يشق عليه أن يفعل شيئًا يصير به مضحكةً بين أبناء جنسه، ولا يشق عليه وقد صار مضحكة للشيطان، قال : «إن للموسوسين شيطانًا يضحك بهم يقال له الولهان» (٢). فإذا كان الشيطان يضحك بأهل الوسوسة، أمَا يضحك بأهل البدع والعصيان؟!

وإذا علم المؤمن بأن الطاعة ترضي الله تعالى، والمعصية فيها سخط رب العالمين، وهو يسارع في المعصية، أما يصير مضحكة للشياطين؟!

لا تكن الثكلى أفقه منك أيها المعرض عن الله! المتعرض لسخطه، قد شُغلت بفقد ولدها عن الأفراح والأعياد، الناس في أعيادهم وأفراحهم والتزاور، وهي منطرحة تبكي في المقابر.

هذا حال من فقد ولدًا له (٣) (وقد يجد ولدًا غيره، والغافل قد فقد ربه، وليس له إلا هو وهو يضحك، لا جرم أنه يدخل النار وهو يبكي.


(١) لم أجده وذكر معناه الزرقاني في «شرحه على موطأ مالك» ٤/ ٥٢١.
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٥/ ١٣٦ (٢١٢٣٨)، وابن ماجه في «سننه» (٤٢١)، والترمذي في «جامعه» (٥٧) من حديث أبي بن كعب بلفظ: «إن للوضوء شيطانًا يقال له ولهان، فاتقوا وسواس الماء».
قال الترمذي: حديث أبي بن كعب حديث غريب، وليس إسناده بالقوى.
قال الألباني في «ضعيف الجامع» (١٩٧٠)، و «المشكاة» (٤١٩): ضعيف.
(٣) من هنا بداية سقوط ورقة من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>