للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتقدًا، وليعلم الفاعل كذلك أنه مرق من الدين، وخرج عن طريق سيد المرسلين، وقال : «حاكي الكفر ليس بكافر» (١).

فلا يحل لمسلم أن يمزح بشيء من كتاب الله تعالى ولا بشيء من أحاديث رسول الله ، كقول بعض من خذله الله في مزحه بالحديث: إن مغربيًّا رمدت عينه، فافتكر الحديث المروي: «شفاء أمتي في ثلاث: آية من كتاب الله، أو لعقة من عسل، أو مشراط من حجام» (٢). فقرأ المغربي آية فلم تبرأ عينه، ولعق العسل فلم يصح، فشرطها فورمت. فعند ذلك قال: يا حبيبي يا رسول الله، إذا لم تكن تعرف الطب فلم تتكلم فيه. فانظر إلى هؤلاء المفتونين كيف يرمون نبيهم بالجهل حين يمزحون.

ويروى أن طبيبين دخلا على النبي الواحد يهودي والآخر


(١) هذا ليس بحديث، ولا أصل له عن النبي ، لكنه من كلام بعض العلماء، وهو صحيح إن كان المراد مجرَّد النقل والحكاية. قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في «فتاويه» ١٢/ ١٨٠: «وأما «ناقل الكفر ليس بكافر» فليس بمرفوع، وفي كلام العلماء ما يدل على أن المسألة ليست على هذا الإطلاق، بل فيها تفصيل يتخلص في أن حاكي الكفر عن الغير يختلف حكمه باختلاف القرائن، فإن كانت الحكاية لغرض شرعي فالأمر كذلك، لإجماع أئمة الهدَى على حكايات مقالات الكفرة والملحدين في كتبهم التي صنفوها وبحالهم ليبينوا ما فيها من فساد ليتجنب، وليبطلوا شبهها عليهم، ومن أدلتهم على ذلك أن الله تعالى قد حكى مقالات المفترين عليه، وعلى رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم، والتحذير من كفرهم، والوعيد عليه بالعقاب في الدارين، والرد عليهم بما بينه في حكم كتابه، وكذلك وقع في أحاديث النبي الصحيحة. وإن كانت الحكاية على وجه الاستحسان لمقالة المحكي عنه فلا شك في كفر الحاكي، واستحقاقه ما يستحق المحكي عنه، وقد عقد القاضي عياض في «الشفاء» بابًا أطال فيه في بيان هذه المسألة، فليراجعه السائل، فإن فيه ما يقنعه، والله الموفق».
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١/ ٢٤٥ (٢٢٠٨)، والبخاري في صحيحه (٥٦٨٠، ٥٦٨١)، وابن ماجه في سننه (٣٤٩١) من حديث ابن عباس بلفظ «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل … ».
وأخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٣٤٣ (١٤٧٠١)، والبخاري في صحيحه (٥٦٨٣، ٥٧٠٢)، ومسلم في صحيحه (٢٢٠٥) (٧١) من حديث جابر بلفظ: «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>