للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لسعيد ديك إذا أذن في الليل يقوم سعيد لخدمة المولى المجيد، فنام الديك ليلةً إلى الصبح، فقام الشيخ سعيد وقد فاته قيام ليلته (١)، فقال: ألا ما له ضرب الله عنقه، فطارت رقبة الديك (٢).

فإن قال قائل: ما باله دعا على الديك ولم يدع على القاتل له ظلمًا؟ قيل: غضب سعيد على الديك لأجل ربه، ولم يغضب على قاتله لأجل نفسه، ولولا القصاص لقتل الصالحون أنفسهم إذا خالفت أو غفلت، لكن قتلوها بالمجاهدة، فأحيى الله قلوبهم بالمشاهدة.

قيل لعبيدة بنت أبي كلاب: ما تشتهي؟ قالت: الموت. قال: ولم؟ قالت: لأني والله في كل يوم أصبح أخشى أن أجني على نفسي جناية يكون فيها عطبي أمام الآخرة (٣).

وقفتْ عجوزٌ على شبابٍ عليهم ثيابُ الصوف، وهم يتضاحكون، فقالت: سبحان الله! زِيُّ الناسكين وفعل الغافلين! (٤) أنكرت عليهم لقلة المناسبة.

ذكرنا شيئًا من صفات الأحباب، ثم نرجع إلى مقصود الكتاب:

قرأ رجل من أهل العراق آية: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾ [المزمل: ١٢ - ١٣]، فقال بعض المفتونين مازحًا: (والله ما هذا إلا) (٥) كرمٌ عظيمٌ! فأمر إمام من الأئمة بضرب رقبته، فقال الخليفة: بأي دليل كفَّرت هذا وضربت رقبته؟ قال: بقوله تعالى: ﴿ولئن سألتهم


(١) في (خ): لخدمة قيام الليل.
(٢) لم أجده.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٩٠٤)، وذكره ابن الجوزي في «ذم الهوى» ١/ ١٧٨، وفي «صفة الصفوة» ٤/ ٣٤. وعبيدة بنت أبي كلاب ذكرها أبو عبد الرحمن الأزدي في «طبقات الصوفية» (٢٧)، وقال: من أهل البصرة وكانت تنزل الطفاوة، عاقلة مجتهدة، جيدة المواعظ.
(٤) لم أجده.
(٥) في (ق): هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>