للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين﴾ [التوبة: ٦٥ - ٦٦] (١).

وشفع بعضُ العدول لفقيهٍ عند القاضي بكَّار وقال: يا مولانا، أنت تعلم أن الفقيه هو سيد فاضل، راسخ في العلوم، وهو قليل المعلوم فيشتهي أن تعدَّ له. فأبى القاضي، وقال: حضرنا يومًا في مكان وبين أيدينا قصعة طعام، في (وسط القصعة) (٢) سَمْنٌ، فطرق بعض الحاضرين للسَّمن طريقًا ليأتي إليه، فقال هذا الفقيه وهو يمزح: ﴿أخرقتها لتغرق أهلها﴾ فسقط من عيني (٣).

فهذه الأشياء وأمثالها يتداولها الجهال بينهم، فتارة يكفر القائل، وتارة يفسق، ويحسب هذا اللئيم أنه هيِّنٌ وهو عند الله عظيم.

فترى بعضهم يقول إما في مزحه أو غضبه: لو جاء جبريل أو النبي الكريم عليهما الصلاة والتسليم لم يفعل أو يفعل، أو كقول الجاهل المرتاب لغيره: إذا دخلت الجنة فرد الباب.

وكذلك في جواب الجاهل لمن يأمره بالخير والمعروف ليقربه للرب


(١) لم أجده.
(٢) في (ق): وسطها.
(٣) ذكره ابن حجر في «رفع الإصر عن قضاة مصر» في ترجمة: القاضي الكبير، والفقيه الحنفي، العلامة المحدث بكار بن قتيبة بن أسد الثقفي البصري، المتوفَّي سنة (٢٤٦ هـ) فقال (ص: ١٠١ - ١٠٢): وقال أبو حاتم ابن أخي بكَّار: قدم على بكار رجلٌ من أهل البصرة، ذكر أنه كان رفيقه في المكتب، فأكرمه جدًّا، ثم احتاج إلى شهادةٍ فشهد مع رجل مصريٍّ عند بكار، فتوقف عن الحكم، فظن أهل مصر أنه لأجل المصري، فسئل في خلوة عن ذلك، فقال: المصري على عدالته ولكن السبب البصريُّ. وذكر منه أمرًا رآه منه في الصغر، قال: لا تطيب نفسي إذا ذكرت ذلك أن أقبل شهادته. وذكر: أنه أكل معه أرزًا في سمن وعسل، فنفد العسل الذي من ناحية بكار، ففتح من جهة صاحبه حتى جرى العسل، فقال له: ﴿أخرقتها لتغرق أهلها﴾ [الكهف: ٧١]! فقال له بكار: أتهزأ بالقرآن في مثل هذا؟ فبقيتْ في نفسه عليه.
وذكره بنحو هذا مختصرًا ابن خلكان في «وفيات الأعيان» ١/ ٢٨١. (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>