للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الكلمات مأخوذة مما صح في الأخبار (١)، فمن لم يعرف قدر هذه النعمة وانقبض لوجود البنت فليتبوأ مقعده من النار؛ وذلك لقلة الرضى بالقضاء، ولموافقته لمن غضب الله عليهم ولعنهم وجعلهم وقود النار؛ قال المولى الكريم: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨]. هذا الخطاب في صفات مشركي العرب. وأما المؤمن الصادق لو ولدت زوجته حجرًا لوضعه على رأسه، ولأخذه الفرح والطرب؛ وذلك لقوة الرضى عن خالقه، فكيف لا يرضى الله تعالى عن هذا العبد، ويبلغه المقصود والأرب (٢)، ويعطيه ما سأل وطلب. قال تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [المجادلة: ٢٢]. وقال : «من رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» (٣). فمن رضي عن الله ﷿ فيما قدره ، وكتبه في اللوح المحفوظ ممن عبده وحمده وشكره.

فيجب على المؤمن أن لا ينقبض لوجود هذه البُنَيَّة، ولا يغضب على أمها، ولا يَسُبُّ ساعتها؛ لأن الحق سبحانه وهبها له، وهي نشأة طرية، توحِّد الله تعالى، وتصلي على خير البرية، وتدخل السرور على قلبه، ويباهي بها (٤) الأمم يوم القيامة، وتكون في ذلك اليوم سببًا لنجاة أبويها (٥) من الشدائد والبلية.

فاقبل مني هذه الوصية، ولا تتهاون في هذه القضية؛ فتسقط من رحمة (٦) الله تعالى، وتخرج عن السنة المضية (٧)، فليس لأحد مشيئة


(١) في (خ): (من الأخيار). وقد تبيَّن من التخريج أن في تلك الأخبار ما لم يصح.
(٢) في (ق): والطرب.
(٣) أخرجه ابن ماجه في سننه (٤٠٣١)، والترمذي في جامعه (٢٣٩٦).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في الصحيحة (١٤٦): سنده حسن.
(٤) في (خ): الله بها والنبي.
(٥) في (خ): لأبويها.
(٦) في (ق): عين.
(٧) في (ط): المضيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>