للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٩]. فيقال لهذا يوم القيامة: تركتَ مرادك لمرادنا، أهلًا بك يا عبدنا.

فإن رزق الله العبد امرأة جميلة لكن فظَّة غليظة، فيصبر على سوء خلقها لإخماد نفسه، فربما صعَّب خلقَها عليك، شفقة منه عليك، لكي لا تميل إليها بالكلية، فتقع في مصيبة عظيمة وبلية، وتصير عبدًا للزوجة، لا عبد خالق الوجود والبريَّة. قال صلوات الله عليه وسلامه: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الزوجة» (١).

قال العلماء: عبد الدرهم والدينار: من لا يؤدي الزكاة. وعبد زوجته: من يشتغل بها عن الله تعالى وخدمته.

فإذا توقَّفت عليك الأشياء، أو تصَّعب عليك خلق زوجتك، فأصلح ما بينك وبين الله تعالى يُصلح الله ما بينك وبين الناس، فما توقفت عليك الأشياء إلا لتوقفك أنت. قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠].

عن بعض الصالحين قال: إذا عصيت الله تعالى أعرف شؤم ذلك في خلق زوجتي ودابتي (٢).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٨٨٦، ٢٨٨٧)، وابن ماجه في سننه (٤١٣٥، ٤١٣٦)، وابن حبان في صحيحه (٣٢١٨) من حديث أبي هريرة بلفظ: «تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع». أما زيادة: «تعس عبد الزوجة» فقد أوردها الغزالي في «إحيائه»، وقال ابن السبكي في الطبقات الكبرى ٦/ ٣١١، والحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (١٤٧٦): لم أقف له على أصل.
(٢) ذكره ابن الجوزي في «ذم الهوى» ١٨٥، قال: قال الفضيل بن عياض: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي. وذكره المناوي في «التيسير في شرح الجامع الصغير» ٢/ ٦٧١ بلفظ: «إني لأعرف ذنبي في سوء خلق غلامي وحماري وزوجتي».

<<  <  ج: ص:  >  >>