للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المكان الشريف هو موضوع لحطِّ الذنوب لا لحملها، وأمر الذنب بمكة شديد؛ لكونه في حضرة الله تعالى وفناء بيته، وأي شيء أعظم من مبارزة الملك في حَرَمه (١)، ومخالفته في محلِّ حضرته! لكن ما أسرع نفوس الغافلين في قبول البدعة، ونبذ السنة) (٢)، وما أشد تفريطها فيما هي مكلفة به ومسؤولة عنه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠].

قال ابن مسعود : ما من بلدٍ يؤاخذ العبدُ فيه بالهمَّة من غير فعلٍ إلا مكة (٣).

قال المولى الكريم: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥].

وكان يقول : السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات (٤).

فمكث المرأة في المسجد حرام بغير سترة في الليل والنهار، وفعلها ما تقدم آنفًا بدعة ومصيبة في دينها، ولا يُرضي الواحد القهار؛ وقد جاء في الأخبار: «إن النساء أكثر أهل النار». وشهد عليهن الصادق الأمين بأنهن


(١) في (خ): حومته.
(٢) إلى هنا نهاية سقوط ورقة من (ق).
(٣) ذكره الغزالي في «الإحياء» ١/ ٤٧١. وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٩٠٧٨)، من طريق سعيد بن منصور، وهذا في «تفسيره» كما في «الدر المنثور» بإسناد ضعيف جدًّا عن عبد الله بن مسعود في قوله: ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾ قال: من همَّ بخطيئة فعملها في سوى البيت لم يكتب عليه حتى يعملها، ومن هم بخطيئة في البيت؛ لم يُتمه الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم.
وأخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» (١٤٢٩٢) بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود، قال: من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، وإن همَّ بعدن أبينَ أن يقتل عند المسجد الحرام، أذاقه الله من عذاب أليم، ثم قرأ: ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم﴾.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد بن جبر المكي من قوله، ولم نجده من قول ابن مسعود . انظر: «الدر المنثور».

<<  <  ج: ص:  >  >>