للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن البدعة والآثام: مُكث المرأة في المسجد الحرام في طول الليالي والأيام؛ لأن بدن الحرة كله عورة، وقد يبدو شيء من عورتها للناظرين، ورفع صوتها ونومها ووضوئها فيه مع غَسل ما تحتاج إليه والآنية؛ مجموع ذلك يكون وبالًا عليها وداهية.

وهذه الأشياء تعد من الذنوب؛ لقلة التعظيم لبيت علام الغيوب، وقد صحَّ أن عائشة نصبت لها خيمةً في المسجد لتعتكف فيه في أواخر شهر رمضان، فنهاها عن ذلك، وأمرها بالاعتكاف في بيتها، مع علمه بيقظتها وتعظيمها لشعائر الله تعالى (١).

وما تقدم ذكره من الإثم على المرأة الطاهرة.

وأما مُكث المرأة الحائض أو النفساء فيه، فهي على الحقيقة مدبرةٌ فاجرةٌ، فإن استحلَّت ذلك كفرتْ وخسرتِ الدنيا والآخرة (٢)، ونسأل الله العظيم لنا ولهم ولجميع المسلمين المسامحة والحراسة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.


(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (٦٩٠)، وأحمد في «مسنده» ٦/ ٨٤ (٢٤٥٤٤)، والبخاري في «صحيحه» (٢٠٣٣)، وابن ماجه في «سننه» (١٧٧١)، وأبو داود في «سننه» (٢٤٦٤)، والنسائي في «سننه» ٢/ ٤٤ (٧٠٩) من حديث عائشة ، ولفظه: أن رسول الله ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، فأمرت ببنائها فضرب، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها رسول الله ففعلت، فأمرت ببنائها فضرب فلما رأت ذلك زينب أمرت ببنائها فضرب، قالت: وكان رسول الله إذا صلى انصرف، فبصر بالأبنية فقال: «ما هذه؟» قالوا: بناء عائشة وحفصة زينب. فقال النبي : «آلبِرَّ أردتن بهذا؟ ما أنا بمعتكف». فرجع فلما أفطر اعتكف عشر شوال.
(٢) تحريم مكث الحائض والنفساء في المسجد مذهبُ جماهير العلماء من السلف والخلف، وعليه الفتوى في المذاهب الأربعة في عامة بلاد الإسلام، فالقطع بالتحريم لازم لعوام المسلمين لزومًا بيِّنًا، لكن لا يجوز التكفيرُ به لأنه ليس من المعلوم من الدين بالضرورة؛ وقد ذهب بعض أهل العلم كالمزني وداود الظاهري وابن حزم إلى الجواز لعدم ثبوت أدلة التحريم لديهم، فيعذرون لاجتهادهم، ويلحق بهم من لم يعلم بالتحريم من العامة. (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>