للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ربي الله. وما (١) استقام، ونسأل الله الاستقامة والأمن من فزع يوم القيامة.

والبدع عند مقام إبراهيم الخليل لا ترضي المولى الجليل، وليس هذا العلم بنافع إن لم يدرك العبد المولى الغفور؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠]؛ ولأن النفس يشق عليها ترك المألوف؛ وإن كان ذلك لا يرضي المولى الرؤوف.

وبسط السجادة مع رؤيا العبادة من شهوات النفس الأمارة، ومن أصلح الله تعالى نفسه لا يحب ذلك ولا يختاره، ولا يخرج عن طريق نبيه وحبيبه، ولا يخالف أخباره، همه في الدنيا الطاعة والحُرَق، لا تزويق الملابس والخِرَق، قليل الراحة، كثير الخوف والقلق. شغلته العبادة عن تلفيق (٢) (المرقعات والسجادة، فإن أردت اللحوق بهؤلاء السادة فمهد لنفسك بالتمسك بسنتهم؛ لتكون لك (٣) ذخرًا عند عالم الغيب والشهادة، فمن تشبه بالقوم في ملابسهم، ولم يتخلق بأخلاقهم يقال له: هذه الخرقة، فأين الاجتهاد والحرقة؟ كما قيل في الأمثال: هذه العمائم فأين الرجال؟ فيصير زيًّا حسنًا بلا مباني (٤)، فتنخرم عليه القواعد والمباني، كما قيل:

أما الخيام فإنها كخيامهم … وأرى نساء الحي غير نسائها

لا والذي حجت قريش بيته … مستقبلين الركن من بطحائها

ما أبصرت عيني خيام قبيلةٍ … إلا بكيت أحبتي بفنائها

اعلم أن الحق سبحانه لا ينظر لقالب ابن آدم، بل ينظر لقلبه؛ متى كان خاليًا من البدع والأكدار، ملئ من الحكمة والأنوار، ومعنى هذا الكلام


(١) في (ق): ثم.
(٢) من هنا بداية سقوط ورقة من (ق).
(٣) في (خ): له.
(٤) في (خ): معاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>